يعد الحديث عن الصور النفسية للأحداث الرياضية في واقعنا الرياضي من الأمور المغيبة تماماً، بالرغم من أهمية هذا الجانب، حيث إنه عامل مساعد في الوصول لعلاج كثير من المشكلات التي تحدث في ملاعبنا، وجانب مهم في تفسير كثير من القضايا التي تحدث في الأندية. سأتحدث اليوم عن الصورة النفسية لإقصاء لاعب الاتحاد ونجمه الشهير محمد نور، وقبل ذلك سأعرف الإقصاء أو الإبعاد، وهو إحدى استراتيجيات تعديل السلوك. ويعرف الإقصاء بأنه «إجراء عقابي هدفه تقليل السلوك غير المقبول، ويقوم على افتراض أن السلوكيات غير المرغوبة التي يأتيها الفرد تتدعم وتتعزز من الأشخاص الذين حوله». إذاً يمكن القول بأن محمد نور دفعته سلوكياته في الماضي المتكررة مع جميع الإدارات إلى إقصائه من الإدارة الحالية، وبعيداً عن هل ما قامت به الإدارة تصرف إيجابي أم لا؟ فالأكيد أنها استخدمت واحداً من أكثر استراتيجيات تعديل السلوك فعالية، وخصوصاً مع الشخصيات التي تحظى بدلال زائد، وكلنا نعلم أن محمد نور له سلطته داخل نادي الاتحاد، فكم من مدير فني رحل بسبب عدم رغبة نور فيه، وكم من إدارة تولت رئاسة النادي لم تستمر أكثر من سنة والسبب عدم رغبة نور فيها، وبالتالي نستطيع أن نقول إن الإقصاء كان علاج الإدارة الحالية لعدم انضباطية نور وسلطته التي لا تتوافق مع توجهات الإدارة الجديدة، وأعتقد أن الإدارة وضعت «منتشري وزايد» ضمن الذين تم إقصائهم حتى توحي للجمهور أن القصد كان تغيير جِلد الفريق وبناء جيل جديد، قد يكون ذلك هدفاً، لكن هناك أهداف أخرى ومنها وأهمها إقصاء نور الذي دُلِّل بما فيه الكفاية من الإدارات السابقة، حيث كانت تعتقد بأنها سوف توفر الهدوء للفريق عندما تترك لنور الحبل على الغارب لمعرفتها بنفوذه داخل الفريق. لكن يبقى السؤال الأهم، هل الإدارة طبقت ذلك وفق استراتيجية مدروسة محددة الأهداف قابلة للتقييم والتطبيق عند نجاحها، أم أن ذلك تم بناء على رأي شخصي، هذه النتائج المرجوة من قبل الاتحاديين لن نراها إلا بعد مرور سنة من هذا الإجراء الذي لم يَرُق لجمهور الاتحاد، لكن الأكيد أنه رسالة لكل نجوم الأندية بأن ما تم للنجم الاتحادي الأسطوري قد يسري عليهم إن لم يكونوا منتجين. النتائج الإيجابية المتوقعة لقرار إقصاء الكابتن محمد نور: * ارتفاع مستوى الانضباط داخل نادي الاتحاد. * بروز أسماء جديدة. * استعادة محمد نور لمستواه السابق العام القادم، فقد يكون في بُعده عن الملاعب فرصة لمحاسبة الذات، وارتفاع مستوى الدافعية والإنجاز لكي يعتزل وهو محقق للاتحاد إنجازاً محلياً أو آسيوياً. سؤال عريض * لو استمع الاتحاديون لمانويل جوزيه عندما أشرف على الاتحاد وطالب بتغيير كبار السن، هل كان حال الفريق سيكون على ما هو عليه الآن؟ رسالة: أتمنى من الإعلام الرياضي وبدعم من الاتحاد السعودي التركيز على أهمية وجود مختصين في علم النفس الرياضي، حيث يبقى الاختصاصي النفسي الرياضي «المدرب العقلي» المفقود والمهمش دوره في ملاعبنا. * باحث وأكاديمي في جامعة سلمان بن عبدالعزيز