لو كان المسلمون في أراكان يهوداً؛ لتحولت منازلهم المحروقة إلى متاحف هولوكوست يتباكى عندها قادة العالم، ويعتذرون بالمال والكلمات عما أصاب الإنسانية من جور وجحود، ولتمت محاكمة رهبان البوذية في بورما، ومطاردتهم كمجرمي حرب لسنوات طويلة؛ دون أن يتستر عليهم أحد. لو كان المسلمون في أراكان نصارى؛ لتحركت كل منظمات حقوق الإنسان الدولية لنجدتهم، ولما اكتفت فقط بدعوة رهبان بورما المجرمين وحكومتها لاحترام حقوق الإنسان، ولعُقدت جلسات متتابعة لمجلس الأمن لإصدار عقوبات اقتصادية رادعة وفورية، وربما هددت الأسرة الدولية بالتدخل العسكري أيضاً بحجة حماية الأقليات من القتل والتشريد. لو كان المسلمون في أراكان ينتمون إلى العالم الأول؛ لرأيتم كثيراً من الحلول والمساعدات المتدفقة، والمؤتمرات الدولية التي تتحدث عن المأساة، وتكتب عنها في كل وسائل الإعلام دون ملل، ولوجدتم رهبان بورما يعملون ألف حساب، ويعيدون التفكير بعقلانية شديدة؛ قبل أن يُقدموا على تلك التصفيات العرقية الحيوانية. لو كانت للمسلمين كلمة أو قيمة في هذا العالم؛ لما كانت هذه السلسلة الطويلة من جرائم الإبادة التي تمارسها بورما بحق أهالي إقليم أراكان منذ احتلالها له سنة 1784م، التي تنحدر في همجيتها وبربريتها إلى القرون الوسطى؛ لكنهم أمنوا أي عقوبة فطغوا وتجبروا على مستضعفين. ربما أكثرت من (لو) فيما ورد أعلاه؛ لكنني مقتنع أن مشكلة أولئك البسطاء في إقليم أراكان تتلخص في أنهم أقلية مسلمة تعيش في بلد متخلف وعنصري تماماً، وأنهم -لسوء حظهم- لا يركنون إلى حصن رشيد يدفع عنهم الضيم والأسى، وإلا لكان الوضع مختلفاً تماماً؛ فهل لديكم رأي آخر؟