محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية ترصد ظهور النسر الأبيض الذيل    ارتفاع تكاليف البناء في أكتوبر 2025 دون إبطاء وتيرة التشييد    توقيع اتفاقيات لتعزيز استدامة المياه    (سدايا) تنظم ورشة عمل المدن الذكية    أكبر شراكة استراتيجية في العقد الجديد    المملكة ملتزمة مع دول (G20) بتعزيز منظومة اقتصادية أكثر شمولاً    النصر يواصل الصدارة.. نيوم يهدي الوصافة للهلال    يايسله: لا أهتم لمنتقدي «التشكيلة»    برعاية ولي العهد.. وزير العدل يفتتح المؤتمر العدلي الدولي الثاني    المؤتمر الحكومي ال27 يستعرض أبرز المستجدات في المملكة وتطورات المنظومة العدلية    الاستجابة الجوية تنقذ مريضاً خلال 19 دقيقة    مستشفى الإمام عبدالرحمن يحصد اعتماد «جراحة السمنة»    حين يكون العطاء لغة وطن    مشيداً بدعم القيادة لقطاع الموانئ والصناعة البحرية.. أمير الشرقية يضع حجر الأساس ل«اللوجستية» ويفتتح توسعة محطة الحاويات    30 ألف معمل بالمنظومة الصناعية..الخريف: السعودية تستعد للصناعة الروبوتية والأقمار    في الجولة الخامسة من دوري أبطال آسيا للنخبة.. الأهلي ينشد الصدارة أمام الشارقة.. والاتحاد في ضيافة الدحيل    كاراغار وعقدة حارس البوابة    الناهشون في جسد النجاح!!    انطلاق المحادثات لمناقشة خطة ترمب.. جنيف تفتح «الملف الحساس» في حرب أوكرانيا    بعد مقتل خمسة من كبار قادة حماس.. مناقشة المرحلة الثانية من اتفاق وقف النار بغزة    «أمانة جدة» تضبط 5 آلاف كجم من الأغذية الفاسدة    فرحة اسكتلندا بالتأهل للمونديال تسبب هزة أرضية    المؤتمر الحكومي ال27 يستعرض أبرز المستجدات في المملكة وتطورات المنظومة العدلية    انطلاق العروض المسرحية بموسم الرياض    جدة تستضيف مهرجان «ويكندز» للموسيقى    هيئة فنون الطهي تطلق مهرجان "الوليمة" للاحتفاء بتراث المذاق السعودي الأصيل    «الحج»:«نسك عمرة» منصة موحدة وتجربة ميسرة    بعد أن شهدت أعمال عنف.. سوريا.. تعزيزات أمنية مكثفة في حمص    حبسها أهلها بسبب سمنتها المفرطة    ابتكارتقنية جديدة لإعادة فعالية العلاج الكيميائي    دوري يلو 9.. أبها يخطف الصدارة.. العلا والدرعية يتعثران    جيسوس: لا يوجد مدرب لا يخسر    دونيس ينتقد التحكيم في مواجهته مع النصر    تخصيص 2868 موقعا للبيئة والمياه والزراعة    وزارة الثقافة تحصد جائزة أفضل مشروع ثقافي في المملكة    العيد يستعيد دور التلفزيون والإذاعة في تشكيل الوعي السعودي    افتتاح متحف التاريخ الطبيعي في أبوظبي    تحرك أميركي وشيك ضد فنزويلا    117 دقيقة مدة زمن العمرة خلال شهر جمادى الأولى    حول العالم    الشحن السريع لا يضر البطارية    روبوت صيني بقدرات بشرية    قهوة الصراصير والنمل تجتاح الصين    الكبد الدهني يضاعف خطر الوفاة    معوقات إدارة الجودة الشاملة    الحوكمة في الشركات والقطاع العام: ماذا نخسر بدونها    وزير العدل: نعمل على انتقال البورصة العقارية إلى هيئة العقار    أمير الرياض يستقبل مدير عام السجون المكلف    أمير تبوك يطلع على تقرير فرع وزارة الشؤون الإسلامية بالمنطقة    قنصل عام فرنسا بجدة يستضيف خريجي الجامعات الفرنسية في أمسية مميزة ب«دار فرنسا»    محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية ترصد أول ظهور للنسر الأبيض الذيل في السعودية منذ 20 عاما    أمانة جدة تضبط 5,250 كجم من الأغذية الفاسدة وتوقف أنشطة عشوائية بعمائر سكنية    افتتاح متحف البحر الأحمر بجدة التاريخية في 6 ديسمبر    دكتورة سعودية ضمن القادة العالميين المؤثرين    الملك وولي العهد يعزيان ملك البحرين في وفاة الشيخ إبراهيم بن حمد آل خليفة    افتتاح جامع المجدوعي بالعاصمة المقدسة    الشيخ فيصل غزاوي: الدنيا دار اختبار والصبر طريق النصر والفرج    العبيكان رجل يصنع أثره بيده    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تطوُّر الأوضاع السياسية والدولية: مرحلة ما قبل الدولة القومية «رأي لابن خلدون» (2-2)
نشر في الشرق يوم 08 - 04 - 2013

يرى ابن خلدون أن: «الدول لها أعمار طبيعية، كما للأشخاص». ويقول إن عمر الدولة (منذ نُشُوئِها إلى انهيارها) يشابه العمر الطبيعي -في المتوسط الأعلى- للأشخاص، وهو مائة وعشرون سنة، لا تزيد على ذلك إلا نادراً، وفي الحالات الاستثنائية. والدولة، في رأيه، لا يتعدى عمرها مجموع أعمار ثلاثة أجيال متعاقبة.. والجيل -في نظره- هو عمر شخص واحد، من العمر الوسط الأدنى، وهو أربعون عاماً. لذلك، فإن عمر الدولة هو مائة وعشرون سنة، أي ثلاثة أجيال متعاقبة، تسير كالتالي:-
– الجيل الأول: متعود على عيش الشظف والخشونة، وتتحكم فيه العصبية، بشكل كبير وحاد. لذلك، يكون الجيل الأول (مؤسس الدولة) مرهوب الجانب، قوي الشكيمة… الأمر الذي ينتج عنه تسليم الناس له بالملك والحكم.
– فيأتي الجيل الثاني من الحكام (بعد 40 سنة): وقد تحول حال الجماعة في هذه الفترة، إلى حالة ترف وبذخ، نتيجة لسيطرتهم ونفوذهم. حيث تكون البداوة قد فارقتهم.. وتحضروا.. فانتقلوا إلى عيش الرفاهة واليسر. وذلك يؤدي إلى ركونهم إلى الاستكانة والدعة، فتنكسر فيهم سَوْرة العصبية بعض الشيء. ومع ذلك، يظل الجيل الثاني من الحكام معتزاً بأمجاد سابقيه، محافظاً على ملكهم وفتوحاتهم. ويستمر ذلك أربعين عاماً.
– ثم يأتي الجيل الثالث: ويتميز الحكام خلاله بالدعة والترف.. حيث يكونون قد نسوا عهد الخشونة والبداوة، وكأن لم يكن، وفقدوا سَوْرة العصبية، بسبب ما أصبحوا فيه من جاهٍ وسلطان. فيدب فيهم الترف، ويعيشون عيشة ناعمة رغدة، وينسون أمر الحرب والنزال.. الأمر الذي يؤدي إلى انتشار الكسل فيهم، ومن ثم الضعف والهزال، فيعجزون عن محاربة أعدائهم، والمتربصين بملكهم، وتنهار دولتهم، عند أول هجوم عليها، وتفنى… لأنها بلغت -في الجيل الثالث- مرحلة الهرم، بسبب تنعم حكامها، وعدم قدرتهم على الحرب، والدفاع عنها. وبفنائها، تقوم دولة أخرى.. تحكمها فئة من العصبية الأقوى، وهكذا.
ويقول ابن خلدون، إن الدولة لا تتجاوز عمرها، إلا أن عرض عارض طارئ… كتأخر غزوها من قبل الطامعين فيها. فالدولة، إذن، تقوم -في رأيه- بواسطة العصبية الأقوى.. فتمر بمرحلة «النشأة» (40 عاماً) فمرحلة الشباب والازدهار (40 عاماً)، ثم مرحلة الهرم والتدهور والانهيار، وتستمر 40 عاماً أيضاً؟!
****
والواقع، أن ابن خلدون كان، في كتابه «العبر»، عالماً اجتماعياً -بصفة رئيسية. وكان يسجل ما يراه في واقع عصره، ويصوره تصويراً علميّاً أمًّيناً ودقيقاً.. وقد تطرق في حديثه عن الاجتماع الإنساني، إلى بعض الجوانب السياسية للحياة البشرية.. في الفترة التي عاشها وفيما قبلها. وسجل بعض «ما هو كائن».. اعتماداً على معطيات ذلك الواقع.. محاولاً تنظيره، عن طريق تحليل مسببات الوقائع السياسية، التي عايشها وقرأ وسمع عنها. وبهذا لا يجوز اعتباره فيلسوفاً سياسياً، بالمعنى الحديث لذلك المصطلح. فهو عالم اجتماع رائد… بل مؤسس «علم الاجتماع». وربما يمكن اعتباره عالماً بالواقع السياسي في عصره، وما قبله، رغم أنه خلط كثيراً بين الظواهر الاجتماعية والسياسية.
****
ومن الفكرتين اللتين اقتطفناهما من كتاباته ذات الطابع السياسي، يتضح لنا أن الرجل حاول «تنظير» بعض الوقائع والأحداث السياسية، في عصره وما قبله، عن طريق التركيز على «ما هو كائن» (وما كان) آنئذ، ومحاولة تفسيره. وعندما نخضع هاتين الفكرتين للتحليل الموضوعي، وننظر إلى كل منهما على ضوء الواقع السياسي الحالي، نجد أن معظم الدول الآن تقوم على «القومية» والعقيدة السياسية، وليس القبلية أو الأسرية الضيقة والعشائرية البدائية، المتمثلة فيما أسماه ابن خلدون ب «العصبية». ومع ذلك، فإن معظم الدول في عهد ابن خلدون وما قبله، قامت (فعلاً) على مبدأ «العصبية» بالمعنى الذي شرحه ابن خلدون ووضحه في مقدمته الضافية.أما فكرة «عمر الدولة»، فربما كانت (في معظمها) صحيحة أيضاً في عهده (العصور الوسطى)، وما قبله.. حيث كانت معظم الدول تنشأ وتقوى وتزدهر.. ثم تشيب وتهرم وتنهار.. لتحل محلها دولة أو دول أخرى. ولكن تحديد ابن خلدون عمر الدولة (في عهده وما قبله) ب 120 عاماً في المتوسط، لا يستند على أدلة صحيحة ومقنعة. فهناك دول عاشت أقل -كثيرًا- ودول أخرى استمرت أطول -كثيرًا- من ذلك العمر. أما الآن (في العصر الحديث والمعاصر) فإن هذا الافتراض لا يعد صحيحاً على الإطلاق. فالفكر السياسي العالمي الحديث يؤكد على «المؤسسات» في عملية قيام وإدارة وسياسة الدول.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.