الخوف الأسود ذلك الشعور الارتدادي الذي يكبر ويصغر بحسب سعينا لحماية (ما يَتملكنا) وليس (ما نَملكه) .. والفرق بيهما؛ أنَّ حماية ما نملكه يُبقِي القرار في أيدينا في خوفٍ غير مُضر.. بينما ما يتملكنا ويسيطر علينا فإنَّ شعور الخوف فيه مزعج ومقلق وسببٌ للكآبة .. من يخاف الموت فهو يخاف شي لا يملكه؛ ولذا يدخل في دوامة من الخوف البشع تقتل حياته كل يوم, بينما الخوف على ما نملكه يعدُّ خوفًا طبيعيًا مستحبًا.. نحن نخاف من لهب النار فنتجنبها وينتهي هذا الخوف على حالة من (لذة النجاة ومُتعة التبصُّر). حينما يملك المرء رغيفين – بينما يكفيه رغيفٌ واحد- تجده أقل حرصًا واكثر شجاعة مع الفائض عن حاجته؛ ولكن من يريد ويحرص على جمع الرغيفين وأكثر منهما دون تقييم لحاجاته, هنا يكون فعل الجمع هو المسيطر عليه وليس العكس .. متعة الحياة أن نملك الأشياء من حولنا ولا تملكنا .. نملك المال وحينما نرى من يحتاج فائضًا مما لدينا نعطيه؛ فيكون (خسارة) بعضه سعادة لنا, بينما لو تملكنا هذا المال سيدخلنا في دوامة من الخوف نحن لا نملك عليه سيطرة, فهذا المال قد يذهب بلمح البصر؛ فيقتلنا مجرد هذا الشعور ويذهب بنا الوقت دون تمتعنا بهذه الحياة. هذه ليست دعوة لعدم المُتعة وترك الاهتمام؛ وإنَّما دعوة لاستثمار الخوف المفيد, ذلك الخوف الذي يشعرنا ( بلذة النجاة ومتعة التبصُّر) ..