النأي بالنفس أضحى موضة هذه الأيام. كأن يرى الرجل زوجته أو أطفاله يرتكبون الجرائم وينأى بنفسه. أو أن ترى حريقاً في بيت جيرانك وتنأى، أو أن يهاجم سارق امرأة عاجزة أمام ناظريك ولا تحركك شهامتك لوقف الجريمة. فالحكومة اللبنانية تنأى بنفسها إلى درجة لا تستقبل فيها السوريين الفارين من الجحيم في بلادهم وإذا دخلوا بطريقة أو بأخرى لا تعترف بهم كلاجئين ولا تقدم لهم شربة ماء، وينقض عليهم رجال الحدود ضرباً وإذلالاً عند عبورهم من البوابات الرسمية. أما السلطة الفلسطينية فهي تقول إن صراعنا مع إسرائيل يكفينا ولا نريد التدخل في شؤون البلدان العربية.. ومتى كانت هذه الأنظمة تنأى بنفسها عن التلاعب بالقضية الفلسطينية؟ وهل ما يحصل في سوريا ومصر وغيرهما من البلدان العربية منفصل عن الصراع مع إسرائيل أو مع إيران أو مع أية جهة تعادي الأمة العربية؟ النأي بالنفس هروب من المسؤوليات وإذعان لأمر واقع مرير وليس فيه من الرجولة والشهامة أو تحمل المسؤولية شيء. النأي بالنفس إسطوانة بغيضة لا تطرب أحداً وتلقي بالمروجين لها إلى مزابل التاريخ. ولا تحمي أحداً من النتائج المترتبة على الأحداث. وإذا كان النأي بالنفس مطلوباً في زمن الفتنة فإن الساكت عن الحق اليوم شيطان أخرس.