اختتمت أمس فعاليات مهرجان الساحل الشرقي، المقام في متنزه الملك عبدالله بن عبدالعزيز بالواجهة البحرية في الدمام، الذي نظمته الهيئة العامة للسياحة والآثار ومجلس التنمية السياحي بالمنطقة الشرقية، ونسج المهرجان لوحات عديدة من الموروث التراثي وتجسيد ملامح تلك الحقبة الزمنية التي سبقت زمن النفط، وإتاحة الفرصة للأبناء للتعرف عن قرب على حياة الآباء والأجداد في الماضي. وتبنى المهرجان في اليوم الختامي إعادة قراءة (سنة الطبعة)، التي تشبه في أحداثها كوارث «تسونامي»، من خلال جمعية الثقافة والفنون فرع الدمام، من إعداد وإخراج الفنان راشد الورثان. وقدمت الرواية في ساحة مفتوحة وسفينة بأشرعتها أرجعت المشهد ذاته بكل تفاصيله. وجسدت الرواية الشخوص وأحداث (سنة الطبعة) وما وقع فيها في عرض الخليج للمراكب والسفن التي فُقدت والبحارة وما حل بهم، حيث لا تزال تلك السنة مطبوعة في ذاكرة النواخذة والبحارة في منطقة الخليج، ولم تخل بيوت الخليج في تلك الحقبة من الكارثة، التي ثبت أنها حدثت قبل أكثر من تسعين سنة، وبالتحديد ليلة الجمعة 13 ربيع الأول شهر 3 / 1344 هجري 1925 ميلادي، وكانت بعد صلاة العشاء بحسب من عاصر تلك الحادثة وبالتحديد الساعة التاسعة ليلاً، عندما كان بعض البحارة يتجاذبون أطراف الحديث وفيما غلب النعاس الباقي، كانت في ما يسمى (القفال) تطلق كلمة (القفال) على موعد نهاية موسم الغوص ومعناها العودة، وكانوا في مغاص يقال له (الديبل) والمحامل متوزعة على الهيرة (جمع هير يعني مكان تجمع اللؤلؤ). وتقول الرواية إن الدنيا أظلمت وانقلبت النجوم للسواد، وتعالت أصوت الرعد، وهبت عاصفة وأمطار غزيرة، ثارالبحرعلى أثره وتلاطمت أمواجه وتطايرت المحامل والسفن، وتصادمت مع بعضها ولم يسمع سوى أصوات البحاره يستغيثون بالله، وأصوت تكسر الألواح وتشقق الأشرعة وتلاطم الأمواج، والناس تكبر وتهلل ياكريم ياكريم يامنجي يالله يالله ، سلمنا ياالله يامنجي. وغرقت السفن والمراكب بمن فيها، ويقول بعض الناجين بحسب الرواية بأنه في اليوم الثاني طلعت الشمس وظهر سطح البحر وقد غطي بجثث البحارة التي تطفح وتكسرت المراكب والسفن، ولم يبق سوى الصناديق والملابس تحكي المأساة، وأظهرت الرواية أن من مآسي (سنة الطبعة) أن عديداً من البحارة نزحوا بسبب الموج المتلاطم إلى دول قريبة من الخليج، وتفرقت عوائل ولم يلتم شملهم إلا بعد عشرات السنين، وبعضهم فقد الذاكرة من هول الصدمة، وقدرت الأحداث بأن عدد من فقدوا في عرض الخليج على مستوى دول الخليج حوالي سبعة آلاف شخص. وأكد نائب رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار للمناطق الدكتور وليد الحميدي، خلال زيارته للمهرجان، أن مهرجان الساحل الشرقي ستظل ذكراه عالقة في تاريخ الشرقية بشكل عام، مشيراً إلى أنه لا يمكن أن نعقد مقارنات بين المهرجانات المختلفة فلكل مهرجان طابعه الذي يميزه، لكن نستطيع أن نؤكد أن مهرجان الساحل ترك بصمة واضحة في نفوس الزوار، بل إنه حقق نجاحاً فاق التصورات، وهذا النجاح سيضع المسؤولين عن المهرجان يواجهون تحديات أخرى العام المقبل حتى يضيفوا مزيداً من النجاحات للمهرجان العام المقبل. وحول الدعم الذي ستقدمه هيئة السياحة للشرقية في الفترة المقبلة بعد أن أصبحت من أهم الوجهات المفضلة للسياح الخليجيين، أوضح أن الهيئة لن تبخل بالدعم للمنطقة، لافتاً إلى أن الهيئة تضع نصب عينيها تذليل كافة العقبات التي يمكن أن تواجه الجهات الحكومية أوالمنظمين للمهرجانات المختلفة، حتى يقدموا إضافات جديدة تلبي طموحات الزوار، مبيناً أن وجود المهرجان كان عامل جذب كبير للشرقية، وأتاح التعرف على تراث الآباء والأجداد من خلال حكايات البحر والأهازيج والقصص التي تحاكي هذه الفترات القديمة. وفي رده حول إمكانية توجيه هيئة السياحة للدوائر الأخرى حتى تأخذ المهرجانات المختلفة الطابع التراثي لكل منطقة، نوه أن الهيئة تحاول تحفيزالمجتمع المحلي بأن تكون المهرجانات نابعة من التراث، ومن هنا جاءت المهرجانات لتحاكي طبيعة البيئة التي يقام فيها كل مهرجان، فهناك مهرجان رالي حائل الذي أقيم في منطقة تتميز بالكثبان الرملية والطبيعة الصحراوية ومهرجان سوق عكاظ موطن الشعر والشعراء، ومهرجان الحريد بجازان المرتبط بصيد سمك الحريد ومهرجان الغضى الزراعي، وبصفة عامة فإن المملكة لديها ميزات طبيعية تعطيها فرص سياحية واعدة. تجسيد لحال الصيد في فترة ماقبل ظهور النفط