قبل الولوج في الخبر أريد فقط إعطاء فكرة عن تقنية النانو وآفاق استخدامها في المستقبل. تقنية النانو هي تقنية التلاعب بجزيئات المادة بالحجم النانوي، ولتقريب الفكرة، فإن طول النملة هو خمسة ملايين نانو متر، وخلايا الدم الحمراء 7500 نانو متر، وكذلك يبلغ طول جزيء ال (دي إن إيه) 2.5 نانو متر. إذا فتقنية النانو تمكنا من إنتاج أشكال وأنظمة وأجهزة جديدة، وبفضل قدرتنا على التلاعب في أصغر مكونات المادة، وهي الذرة من خلال هذه التقنية، فإن النتيجة تصبح أشبه بالسحر في عملية تحويل ماهية وجوهر المادة إلى مادة أخرى مختلفة تماما في الجوهر، إنها ثورة تقنية وعلمية بكل المقاييس. والآن نعود للخبر الذي نزفه بشرى لكل الإنسانية بالعموم، ولمرضى الإيدز على وجه الخصوص، فحسب دراسة أصدرها مجموعة من الباحثين في جامعة واشنطن للطب بسانت لويس، فإنهم تمكنوا من تطوير علاج يستعمل جسيمات نانوية تحمل مادة الميليتين (Melittin) الموجودة في سم النحل للقضاء على فيروس الإيدز لكن دون أي ضرر يذكر لبقية الخلايا المحيطة. يتم حقن هذه النانوجسيمات في الجسم، فتقوم مادة الميليتين بإحداث ثقوب في الغلاف الواقي الذي يحيط بفيروس نقص المناعة البشرية، و فيروسات أخرى مثل فيروس التهاب الكبد (ب، و، ج) ما يجعلها غير محمية وضعيفة أمام العلاجات. تقوم هذه الجسيمات النانوية بإصابة جزء هام و أساسي من تركيبة الفيروس، و«نظريا، لا توجد طريقة كي يتأقلم معها الفيروس ضد هذا العلاج» حسب قول الدكتور جاشوا هود. معظم الأدوية التي يتم صنعها حاليا لمحاولة علاج الإيدز تركز على محاولة إيقاف عملية تكاثر الفيروس في الجسم، إلا أنها تقف عاجزة أمام منع الإصابة بالفيروس من البداية، كما أن هناك سلالات من الفيروس قد تجد وسائل للتغلب على هذه العقاقير، وتتكاثر على أي حال من الأحوال. بينما هذا العلاج الجديد فعال في قتل الفيروس قبل دخوله الجسم. يأمل الخبراء في تطوير العلاج لصنع جل مهبلي يسمح للأزواج الذين يحمل أحدهما فيروس الإيدز بممارسة الجنس دون خوف من انتقال المرض. تمت هذه التجارب في المختبرات على عينات من الخلايا، و يأمل الفريق في صنع عدد أكبر من هذه الجسيمات النانوية، وتجربتها خارج المختبر. والجدير بالذكر أنه قبل فترة نشرت صحيفة النيويورك تايمز، خبراً رائعاً، مفاده، أن العالم، قد تمكن للمرة الأولى، من شفاء طفل، من مرض الإيدز، بعد أن كان قد ورث المرض من والدته المصابة بالمرض. هذه هي الحالة الثانية عالمياً التي تسجل كشفاء لمرض الإيدز، بعد حالة المريض تيموثي براون، الذي تمكن من الشفاء من المرض، قبل بضع سنوات، ولكن لم يتمكن الأطباء إلى اليوم من الاستفادة بشكل كبير من حالته لإنتاج عقار أو لقاح مناسب. فهل ستكون تقنية النانو الحل السحري للمرض الذي أعيا الأطباء والعلماء وأرعب الناس خلال الثلاثين سنة الماضية.