لم يكن اختيار رئيس الوزراء اليمني محمد سالم باسندوه الرياض لتكون أول محطة له في أول زياراته الخارجية بعد توليه منصبه صدفة، بل هي أوضح إقرار بالدور الرائد والمستمر للمملكة لدعم الدولة اليمنية بجميع أركانها وكائنا من كان على رأسها، ودليل على إدراك اليمنيين لهذا الدور. ولعل حرص خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز حفظه الله على رعاية وحضور توقيع الأطراف اليمنية المختلفة على المبادرة اليمنية في الرياض أكبر دليل على حرص المملكة على دعم اليمن سياسيا واقتصاديا لما فيه الخير والتقدم والاستقرار، وأهم ما يميز الحرص السعودي على استقرار اليمن هو أنه حرص مرحب به ومحل تقدير من مختلف الأطراف اليمنية التي ترى في الدور السعودي عامل تقريب ودعم لبلادهم وهو ما منح المملكة دائما مكانة خاصة في قلوب اليمنيين. وزيارة باسندوه للمملكة تأتي من منطلق الأخ الذي يريد الاسترشاد برأي أخيه ويناقش معه أموره بقلب وعقل مفتوحين وهو يدرك أن هذا الأخ هو الأكثر حرصا على مصلحته، فالعلاقات السعودية اليمنية ليست علاقات جوار فقط بل هي وشائج قربى بين أسر ونشاطات تجارية بين البلدين وعشرات آلاف اليمنيين الذين وجدوا في المملكة وطنا ثانيا يحتضنهم بعد بلادهم. ومقارنة الدور السعودي البناء في اليمن مع دول أخرى تحاول أن تلعب أدوارا تهدف لإثارة التوتر يوضح بجلاء السبب الذي دفع باسندوه لاختيار المملكة كأول محطاته، فهناك من يسعى لإشعال النار في شمال اليمن، ورغم فشله المستمر في ذلك يزيد من محاولاته لتهديد استقرار البلاد محاولا إثارة المشكلات في الجنوب أيضا في تصرفات لا تهدف إلا لهز المبادرة الخليجية وتعطيل آلية عملها لإبقاء اليمن بؤرة توتر وأزمات. وغني عن القول أن الحكومة اليمنية ستعود من هذه الزيارة التي تشمل المملكة ومن بعدها دول الخليج وهي متسلحة بدعم قوى ونصائح أخوية وخريطة طريق لتجاوز العقبات على طريق عودة اليمن إلى الاستقرار، والمأمول أن يبقى اليمنيون بمختلف أطيافهم أوفياء لوطنهم ولشعبهم قبل أي شيء وذلك بالعمل بشكل حقيقي لإنجاح المبادرة الخليجية والتجاوز عن الخلافات الشخصية والسياسية والقبلية والحزبية التي تهدد نجاح المبادرة الخليجية، فاليمن كوطن أكبر من أي انتماء، وهو يستطيع تجاوز أزمته بدعم صادق من أشقائه وجيرانه، وأبنائه جميعا قبل كل ذلك.