ولدت في حي “بحري” بمدينة الإسكندرية بين الشاطىء الشرقي والشاطىء الغربي، حيث نزل “الإسكندر” ليبني المدينة وقرب الموضع الذي ولد فيه الشاعر”محمود بيرم التونسي” وهذا الحي العريق المزدحم تحدث فيه غرائب وطرائف تحتاج إلى مجلدات فالضوضاء فيه عرض مستمر طوال أربعة وعشرين ساعة بالنهار يتولاها الباعة والمقاهي والورش وليلاً يتولاها عم “السيد” وحده فبعد منتصف الليل نتذكر احترام الكبير والعطف على السرير ونتوجه لننام فإذا عم “السيد” العجوز يظل يصرخ طوال الليل (آه يا ظهري.. آه يا ظهري) ويتزايد صراخه كلما اقترب الفجر، ويبدأ صراخ الناس بالشكوى ولا مجيب، وقد حاولنا إقناعه فلا يستجيب فأقمنا مجلساً عرفياً حضر فيه طائفة من أهله وطائفة من أهلنا واستمع المجلس إلى شكوانا وإلى رد عم “السيد” علينا وحقق ودقق ثم جلس للتشاور والتداول، ثم نظر كبيرهم إلى عم “السيد” وراح يفهمه أن الليل سكون وراحة، وأن الناس ترتاح فيه من عناء النهار وراح عم “السيد” يستمع إليه ويبدو أنه غير مقتنع بالفارق بين الليل والنهار.. ثم نطق كبير المجلس بالحكم بصوت عال وقال (حكمنا على عم السيد ألا يقول آه يا ظهري ليلاً) فسأله عم “السيد” ببرود (هل أقولها نهاراً؟) فنهره الحاضرون وطلبوا منه صراحة ألا يقول “آه يا ظهري” لا ليلاً ولا نهاراً وفعلاً استجاب عم “السيد” وأصبح من اليوم التالي لا يقول (آه يا ظهري) ولكن يصرخ (آه يا بطني.. آه يا بطني).