يشكل تهديد إيران بإغلاق مضيق هرمز رداً على العقوبات الأخيرة التي قادتها الولاياتالمتحدة قد تكون مجرد مواقف فارغة. ويبقى تقدم إيران البطيء باتجاه القدرة على امتلاك سلاح نووي هو الأساس، الذي زاد بشكل كبير التوتر بين واشنطن وطهران. ولم تلغ إدارة أوباما خيار الضربة العسكرية، ويمكن الافتراض بأن الإيرانيين لم يفعلوا ذلك أيضاً. ويأتي تقييم طبيعة ومدى التهديد الإيراني بشكل عقلاني في الظروف الحالية، رغم كل تهديداته، مهم جداً، فالنظام الإيراني أكثر ضعفاً مما كان عليه في أي وقت من الأوقات منذ الثورة الإسلامية. داخلياً، النظام الإيراني مقيد بانقسامات سياسية عميقة، صراع أهلي واقتصاد سيئ. فالرئيس الإيراني أحمدي نجاد تحدى المرشد الأعلى للثورة، آية الله علي خامنئي، بشكل مباشر، فيما تحدث خامنئي عن إلغاء منصب الرئيس. وتصبح حياة المواطن الإيراني العادي محفوفة بالمتاعب أكثر فأكثر يوماً بعد يوم، مع ارتفاع نسبة البطالة، التضخم، اضطهاد الدولة، والعزلة المتزايدة للبلد على المسرح الدولي. وحافظ النظام على حس مصطنع بالاستقرار من خلال القمع. وتجرى الانتخابات التشريعية في أوائل شهر مارس المقبل. ويهدد قادة الحركة الخضراء الإصلاحية بمقاطعة الانتخابات، ومع ذلك ستكون المنافسة قوية بين الأجنحة الدينية والعلمانية للنظام. وتصبح هذه الانتخابات وبعدها الانتخابات الرئاسية مناسبات لخروج مظاهرات كتلك التي هددت النظام منذ ثلاث سنوات، التي استطاعت مظاهرات مشابهة لها أن تطيح بعدة أنظمة عربية في الشرق الأوسط. ويبدو أن إيران على وشك أن تخسر حليفها الحقيقي الوحيد، سورية، فالرئيس بشار الأسد سيكون الديكتاتور الذي يسقط هذه المرة. وكذلك العقوبات الدولية المشددة تبطئ برنامج إيران النووي في الوقت الذي تقيد فيه قدرتها على عرض القوة. وشاهد قادة إيران القوات الأمريكية تطيح بصدام حسين وطالبان بسهولة نسبية، وساعد الناتو على الإطاحة بمعمر القذافي بنفس الطريقة، والقوات الإيرانية التقليدية القديمة لا تضاهي الجيش الأمريكي. والنظام الإيراني يعرف أن الولاياتالمتحدة لاتزال ملتزمة بسياسة تغيير الأنظمة.ويعرف القادة الإيرانيون أن امتلاك سلاح نووي قد يردع الولاياتالمتحدة عن مهاجمة إيران، ويحمي النظام الضعيف. من غير المحتمل أن النظام الإيراني المشغول بالحفاظ على نفسه سيكون الطرف الأول الذي يستخدم السلاح النووي في صراع مع الولاياتالمتحدة أو إسرائيل، لأن استخدامه سيقود إلى نهاية النظام. ويتم أحياناً تصوير النظام الإيراني على أنه غير عقلاني، لكنه في الواقع ليس أقل عقلانية من الاتحاد السوفييتي، وقد استطاعت الولاياتالمتحدة أن تردع وتحتوي النظامين. ثم أن النظام الإيراني يواجه عدة تحديات داخلية وخارجية تسهل على الولاياتالمتحدة احتواء إيران إذا حصلت على سلاح نووي. والتهديد بعمل عسكري أمريكي أو إسرائيلي يزيد من رغبة النظام الإيراني في الحصول على سلاح ردع نووي. القيام بهجوم فعلي سيقوي على الأغلب تأييد النظام في الداخل، ويستجلب تعاطفاً دولياً معه أيضاً، خاصة في العالم الإسلامي. يجب أن يقتنع النظام الإيراني أنه سيكون أكثر عزلة وعرضة للاضطرابات الداخلية إذا اختار أن يختبر وينشر الأسلحة النووية.