إن الإنسان بطبعه يبحث عن الأسهل والأنسب من الخيارات في حياته، أسلوباً أو وسيلة، وهذا حقه الطبيعي ما لم يصطدم بشريعة الله، أو قوانين أو أنظمة البلاد التي يعش فيها. إن التشدد في الدين خيارٌ معقد، وغيرُ مناسب للعصر والزمان، فهو يبدأ من البيئة المكانية أو التعليمية التي نشأ فيها المتشدد، ثم يسري وينتشر في حياة هذا الإنسان حتى يصير له منهجاً وعادة في كل سلوك قولي أو فعلي، وكلاهما نِتاج طبيعي لهذا الفكر. إن الإسلام دين اليسر والسهولة والسماحة، بكل ما تحمله العبارات من معان فاعلة ومؤثرة، وهو بخصائصه الذاتية من الشمولية والبساطة والوضوح والقابلية للتطبيق، مع تقديم الحلول لجميع مشكلات الإنسان الخاصة أو العامة المشتركة مع الآخرين.. كل ما تقدم يثبت أن خيار التشدد دخيل عليه. إن حبس الإسلام ومفاهيمه السامية، وما تحمله من طاقات عظيمة متمثلة في الفقه الإسلامي وخصوصاً جانب الاجتهاد الصحيح المؤصل شرعاً، والمتباعد عن كل غرض نفسي أو تعصب أعمى للأفكار أو الأشخاص مهما كنا نحبهم أو نحترمهم، لهو التشدد بعينه في الدين، والذي نهينا عنه. إن الإسلام يكفل للإنسان، كل إنسان، وخصوصاً المؤمنين به، حرية الفكر والحركة والعمل والتعبير الحق البناء بشكل واسع ما لم تعارض قواعده الثابتة، وجَعْلُ التشددِ الخيارَ الأوحد والمقبول للإسلام من بعض المسلمين؛ يُوصِد الأبواب جميعها أمام الإنسان المتحضر، فهل نتبنى التشدد، أم ماذا؟