عادة ما تخالج أفكار ومشاعر الإنسان خطوات التغيير في ذاته وفي سلوكه الأسري والاجتماعي والاقتصادي، غير أن هذه الخلجات تبقى في مداراتها كومضات لحظية يودعها صاحبها في أرشيفه ثم يستدعيها ويضيف عليها متى ما توفرت له فرص «التخليج»، ويبقى في تحولات الحياة المتباينة في سنين يتصرم فيها العمر، وتسير خلجاته تضمر وتتضاءل حتى يحل الرحيل الأبدي. وما أود أن أشير إليه هنا، أننا إلى جانب أننا أمة استهلكنا أطناناً من الكلام في سبيل تحقيق التغيير في شتى المجالات، فإننا استهلكنا مساحات هائلة من طاقاتنا الذهنية ومن مشاعرنا نحو التغيير الذي أعتقد أنه وبنسبة كبيرة لم يتجاوز أفواهنا وأذهاننا. وأعتقد أنه في سبيل تغيير ذواتنا وسلوكنا فإن الأزمة أولاً تكمن في التشخيص، فالمريض عضوياً لا يمكن علاجه إن لم نشخص ونحدد المرض بشكل دقيق وهذا يحتاج إلى خطوات كثيرة ومهمة. إن كل إنسان يريد أن يحدث التغيير يحتاج إلى أن يسجل نقاط قوته ونقاط ضعفه «كتابة» في المذكرات الخاصة أو حافظات الهاتف المحمول بتجرد وصدق مع النفس وبعيداً عن المكابرة أو اختلاق المبررات. يدون نقاط قوته ونقاط ضعفه في أفكاره وفي مشاعره وفي سلوكه مع زوجته ومع أسرته ومع مجتمعه وفي سلوكه الاقتصادي وفي كل الأمور التي يرغب في تغييرها. وكلما كان التحديد لنقاط القوة والضعف صادقاً كان التشخيص أكثر دقة والتغيير سهلاً وممكناً. ولا يظن البعض أن الأهم هو التركيز على نقاط الضعف بل من اللازم تسجيل نقاط القوة والفرح والاعتزاز بها بل يجب أن نعدها من المكاسب التي أرى أن من الجميل أن نحتفل بها. وتدوين نقاط الضعف ثم العمل على الاعتراف بها دون مبالغة ومواجهتها بالإرادة والمعرفة والاستشارة. إن بقاء رغبات وخطوات التغيير في مسارات الآمال والخيالات دون تشخيص لها من صاحبها أمر يجعل التغيير بطيئاً ومحدوداً، ومن اللازم أن نستغل فرص إحداث هذا التغيير ولكن أرجوكم أن تكتبوا... اكتبوا الآن.