فريق مسرحية "مذكرات دكتور بالمي" رام الله (علي صوافطة) – رويترز اختار المخرج الفلسطيني أكرم المالكي أن يعرف الجمهور الفلسطيني ببعض ما يتعرض له المعتقلون السياسيون من تعذيب في مسرحتيه “مذكرات دكتور بالمي” للكاتب الإسباني أنطونيو بويرو بايخو. وشارك المخرج إلى جانب أربعة ممثلين على المسرح، وثلاثة آخرين بأصواتهم المسجلة فقط، في عرض المسرحية الليلة الماضية على خشبة “مسرح وسينماتك القصبة” في رام الله. يقول المخرج في كتيب وزع قبل العرض “في هذه المسرحية نسلط الضوء على قضية الاعتقال السياسي.. سجناء الرأي، وكذلك القمع والتعذيب والتنكيل الذي تمارسه السلطات الديكتاتورية في كل الأزمنة”. ويضيف “ليس للظلم والاستبداد والقهر لون أو جنس أو دين، إذ يكفي أن يكون لدى شخص ما سلطة مطلقة لكي يصير مستبداً”. وتتحدث المسرحية عن روايات مؤلمة لما يتعرض له المعتقلون من تعذيب جسدي ونفسي داخل السجون تصل إلى حد إفقادهم رجولتهم، أو اغتصاب ذويهم، بهدف انتزاع اعترافات منهم لأشياء فعلوها، أو لم يفعلوها. وقال المالكي لرويترز بعد العرض “اخترت عدم عرض مشاهد العنف خلال التحقيق على خشبة المسرح، وأردت أن أترك للمشاهد تخيل ما يسمعه من تلك القصص”. ويظهر أحد المشاهد ظلاً للفنانة شادن سليم في دور (لوسيلا) خطيبة أحد المعتقلين هي تصرخ فيما يحاول خطيبها استجداء المحققين أن لا يلمسوها. وتتوجه لوسيلا بعد الحادثة إلى زوجة المحقق الفنانة ريم تلحمي في دور (ماريا) التي كانت طالبة لديها، لتخبرها أن المحققين اغتصبوها من أجل انتزاع اعترافات من خطيبها. وتوضح المسرحية في عدد من المشاهد كيف يظن رجال المخابرات أنهم يحمون الوطن من خلال التحقيق مع “الإرهابين”، دون أن يكون هناك حدود لتعذيبهم من أجل انتزاع اعترافاتهم. وتبين المسرحية كذلك أثر تصرفات المحققين على حياتهم الشخصية، فيظهر المحقق (دانييلو)، الذي أدى دوره الممثل كامل الباشا، عاجزاً عن القيام بواجباته الزوجية تأثراً فيما يبدو بممارسات التعذيب أثناء التحقيق. وقال الباشا لرويترز بعد العرض “ما يميزنا هنا في الأراضي الفلسطينية أولاً وجود الاحتلال، وثانياً علاقتنا نحن مع بعض.. فالاعتقالات السياسية موجودة”. وأضاف “هذه المسرحية تثير موضوع الاعتقالات السياسة هنا وفي غزة، حيث الاختلاف السياسي، وغياب قانون حقيقي يمنع هذه الاعتقالات”. وأعادت المسرحية الفنان الفلسطيني ماجد الماني إلى خشبة المسرح بعد غياب من يقرب من ثلاثين عاماً. وقال الماني الذي لم تمنعه وفاة والده أمس من الوقوف على خشبة المسرح وأداء دوره كوالد للمحقق دانييلو “اقتنعت بالنص الذي يعبر عن الواقع الذي نعيشه وقررت المشاركة”. ويستمع الجمهور إلى عدد من أصوات الممثلين في أدوار مختلفة. وقال المخرج الذي أدى دور الدكتور بالمي إن ضرورات العمل الفني اقتضت هذه المشاركة في الصوت فقط. وأضاف “في منطقتنا هناك أنظمة ديكتاتورية تنهار، لكن للأسف تقوم مكانها أنظمة ديكتاتورية من نوع آخر”. وتابع قائلاً “هذه المسرحية هي صرخة تحذير من استمرار هذا المسلسل الدموي والدعوة لقيام نظم أكثر عدالة وأكثر ديمقراطية وانفتاحاً على الآخر المختلف في المجتمع”. وسمع القائمون على العمل المسرحي كثيراً من عبارات الشكر والثناء من الجمهور على هذا الأداء. وقالت رائدة غزالة التي حضرت العرض “المسرحية فيها شيء مميز تدخلك في مجال التفكير بواقع أليم”. وقال القائمون على المسرحية التي عرضت ثلاث مرات في رام الله، والقدس، وبيت لحم، إنهم سيعودون إلى جولة أخرى من العروض مطلع الصيف المقبل. رام الله (علي صوافطة) | رويترز