اتجاه وزارة التعليم العالي إلى استقطاب العلماء وأعضاء هيئة التدريس المتميزين من غير السعوديين ومنحهم الجنسية السعودية وحوافز لتعليم أبنائهم، يعتبر عملاً رائداً سيكون له أبعاد اقتصادية وعلمية وبحثية طويلة المدى، ومن شأن هذه الخطوة التغلب على النقص الحاد في أعداد العلماء والباحثين ورواد الأعمال في المملكة، وتحقيق الاستقرار الوظيفي في سوق العمل. وقد عبر عن هذا الاتجاه وكيل وزارة التعليم العالي الدكتور محمد العوهلي أثناء اللقاء الدوري السابع لوكلاء الجامعات السعودية للشؤون التعليمية، الذي عقدته جامعة الطائف الأسبوع الماضي. كما أثنى مدير جامعة الطائف الأستاذ الدكتور عبدالإله باناجة على التوجه الجديد في الخروج من الأطر الحالية التقليدية إلى حلول خلاقة خارج الصندوق تساهم في تطوير التعليم العالي في الجامعات السعودية، وتحدث نقلة نوعية إبداعية وخلاقة. وقد سبقت المملكة إلى هذا الاتجاه الولاياتالمتحدةالأمريكية، التي قامت باستقطاب وتجنيس عشرات بل مئات الآلاف من العلماء وأعضاء هيئات التدريس من جميع أنحاء العالم، بحيث أصبحت نسبة هؤلاء العلماء ما يقارب 40% في الجامعات الأمريكية. وقد حذت معظم الدول الأوروبية حذو الولاياتالمتحدة في استقطاب وتجنيس العلماء المتميزين. وعلى سبيل المثال استقطبت ألمانيا ما يزيد عن 70 ألف عالم هندي في تقنية المعلومات، وكذلك الأمر كندا وأستراليا. وقد استفادت إسرائيل في تطوير قدراتها التقنية باستقطابها وتجنيسها أكثر من مليون عالم من بلدان الاتحاد السوفيتي سابقاً في شتى مجالات الذرة والطب والهندسة والتكنولوجيا، وأصبحت إسرائيل رابع دولة في العالم من حيث القدرات التقنية المتطورة، وصادراتها من المخترعات الحديثة فاقت عشرات المليارات من الدولارات سنوياً. وأصبحت جامعة (تقنيون حيفا) من أشهر الجامعات حسب التصنيف العالمي. وسيناريو تجنيس العلماء الأجانب يمارس في المملكة منذ سنوات ولكن على نطاق ضيق، وهو يتفق مع القوانين السعودية المعمول بها، فهناك المئات بل الآلاف من الرعايا العرب والأجانب الذين تم تجنيسهم في المملكة على مر العصور، ولكن الحاجة الآن أكبر نظراً للمنافسة بين الجامعات ومراكز البحث العلمي على استقطاب العلماء وأعضاء هيئة التدريس المتميزين. ولو أجرينا مقارنة العوائد بالتكاليف (Cost-Benefit Analysis) لهذه الخطوة الرائدة لوجدنا أن العوائد الاقتصادية والاجتماعية والعلمية ستفوق التكاليف، وسيتم إدماج العلماء المجنسين في المجتمع بسهولة نظراً لتمتعهم بالذكاء والقدرة على التكيف وانخفاض معدل الإعالة لديهم.