يبدو أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية، تعتمد بشكلٍ واضح على تصعيد قضاياها العالقة دون تسويةٍ مع دول الخليج، في تعبيرٍ منها وفق مراقبين، ناتجٌ عن “ضعفٍ وعدم قدرةٍ على المواجهة” في وقتٍ تلعب فيها الظروف المُحيطة بها من العزلة الدولية نتيجة العقوبات الاقتصادية التي فرضت عليها، والتي ما زالت في تصعيد، دوراً هاماً في تصرفاتها، وفي أعقاب فشلها بتحقيق أهدافها، بالإضافة إلى انحصار صورة النظام السوري الموالي لها، وسير الملف السوري نحو التدويل. ويتجلى تصوير ذلك التصعيد الإيراني، في إقرارها إنتاج النفط من منطقةٍ مُتنازع عليها مع دول الخليج، تحوي تلك المنطقة مُقدراتٍ نفطية، يسندها ما يُقدّر ب”مائتي مليار مترٍ مُكعّب من الغاز الطبيعي”، وهو ما تراه طهران أمراً “يسيلُ له اللعاب”، ويُترجم ذلك تصريحاتٍ أدلى بها مدير شركة نفط الجرف القاري الإيرانية، الذي قال أن بلاده ستعمل على استخراج النفط من الموقع، على الرغم من استمرار عدم تسوية الموقف مع جارتها الكويت، حول مُلكية الموقع الهام اقتصادياً. في الكويت، لم يكُن وقعُ تصريحات مدير عام شركة نفط الجرف القاري الإيرانية، حول نية بلاده إنتاج النفط من منطقة الجرف القاري البحرية المتنازع عليها بشكلٍ أُحادي، برداً وسلاماً، حيث سلمت الكويت، القائم بأعمال السفارة الإيرانية مذكرة احتجاج، كون المنطقة المتنازع عليها محل مفاوضاتٍ بين الطرفين لا تزال قائمةً بين البلدين لترسيمها. وفي هذه الأثناء، حذّر خبيرٌ استراتيجي مما وصفه ب”محاولات عودة طهران لجرّ منطقة الخليج لما لا تُحمد عقباه”، خصوصاً في السعودية والبحرين، بعد أن خسرت تحقيق أهدافها في تجارب خاضتها في فتراتٍ قريبةٍ سابقة. وأخذ رئيس مركز الخليج للأبحاث الدكتور عبد العزيز صقر في تصريحاتٍ ل”الشرق”، على عاتقه التحذير من عودة إيران للتفكير في إحداث قلاقل في دولٍ خليجية، جراء ما يراه بن صقر، “قلقاً تعيشه من الوضع الحاضر”. وانتقل التكتيك الإيراني كما يراه رئيس مركز الخليج للأبحاث ليدخل مرحلةً جديدة، تعتمد بالدرجة الأولى على “عسكرة” تحركاتها في الخليج، بعد قناعتها بعدم قدرتها على إغلاق مضيق هُرمز، الذي اعتمدت طهران على تحويله “فزّاعةً” لدول الخليج، عبر إجراءها مناوراتٍ عسكرية خلال الأيام العشر الماضية، أعلنت خلالها عن إطلاق صاروخٍ بعيد المدى من صنعها. وقال بن صقر في هذا الصدد “إيران كما يبدو في الصورة، تُحاول السعي لتصعيد المواقف مع دول المنطقة، وهذا ناتجٌ عن عدم قدرتها على المواجهة، بالإضافة إلى خشيتها الواضحة من فرض حظر عليها يُعيقها من تصدير النفط، وهو الأمر الذي بات خطراً تستشعره، خصوصاً بعد عدم جدوى محاولاتها عسكرة مواقفها خلال الأيام والأسابيع الماضية”. لكن بالمُجمل، وبعد العسكرة التي سلكتها الجمهورية الإيرانية بالتزامن مع الظروف التي تعيشها المنطقة، سعت طهران وبقوة لزيادة عمليات استعراض القوات العسكرية، وهو الأمر الذي يراه الدكتور صقر “نابعاً من ضعفٍ لا محالة”، وعملت على إرسال رسائل، أول تلك الرسائل تهديدها بإغلاق مضيق هُرمز الحيوي في عرض البحر بالخليج العربي، في حال تعرضت لضربةٍ عسكرية، كما جاء على لسان قائد بحريتها، وانتهت المرحلة عند إطلاق صواريخ بعيدة المدى، تضعها ضمن أولوياتها العسكرية، ظناً منها أن التصعيد العسكري لربما يؤتِ ما لا تؤتيه الدبلوماسية إن جاز وصف هذه الحالة. واحتجت الكويت رسمياً لدى إيران، بعد تصريحات أدلى بها مسؤولٌ إيراني، في طهران حول نية الجمهورية الإسلامية إنتاج النفط من منطقة الجرف القاري البحرية المتنازع عليها، بحسب ما أفادت وكالة الأنباء الكويتية. وسلم وكيل وزارة الخارجية الكويتية خالد سليمان الجارالله القائم بأعمال السفارة الإيرانية مذكرة احتجاج على تصريحات مدير عام شركة نفط الجرف القاري الإيرانية “بشأن عزم إيران على إنتاج النفط في منطقة الجرف القاري بشكل أحادي ما لم يتم التوصل إلى اتفاق مع الكويت”، بحسب الوكالة. وبحسب الوكالة أكد الجار الله خلال اللقاء “أن المنطقة المتداخلة المذكورة المتنازع عليها هي محل مفاوضات بين الطرفين لترسيمها بشكل نهائي مع التأكيد على ضرورة التزام الطرفين بعدم القيام بأي عمل منفرد في المنطقة حتى يتم ترسيمها بشكل نهائي”. كما جدد الجار الله تأكيد دولة الكويت على “عقد مفاوضات ترسيم الجرف القاري بشكل نهائي”. وتجري الكويت مع إيران محادثات منذ أكثر من عشر سنوات لتسوية النزاع حول منطقة الجرف القاري على الحدود البحرية بين البلدين، إلا أن هذه المحادثات لم تصل إلى نتيجة. ويعود النزاع إلى الستينات حينما منحت كل من إيران والكويت حق التنقيب في حقول بحرية لشركة البترول الإنكلو إيرانية السابقة والتي صارت الآن ضمن شركة بريتيش بتروليوم ولشركة شل الهولندية الملكية، وهي حقوق تتقاطع في الجزء الشمالي من حقل الدرة.