من الملاحظ غياب دراسات الجدوى الاقتصادية لكفاءة استثمار الفوائض المالية لموازنة المملكة العربية السعودية، التي تجاوزت 640 مليار دولار أمريكي، وهي تعادل 2.4 تريليون ريال سعودي، تراكمت من فوائض الميزانية خلال العقد الماضي (-2003 2013)، تم استثمار معظمها في أوراق مالية، وعلى رأسها سندات الخزينة الأمريكية (Treasury Bills)، وعوائدها لا تتعدى 1% سنوياً، طبقاً لأسعار الفائدة المنشورة للبنك الفيدرالي الأمريكي، وهو بمثابة البنك المركزي الأمريكي، وهذا العائد أقل من معدل التضخم المحلي الذي يقارب 4.6%، مما يعني أن الفائدة الحقيقية التي تحصل المملكة عليها بالسالب (-3.6%)، أي أن النتيجة لهذا الاستثمار غير مجدية اقتصادياً، ويعود بادخار سالب (Dissaving) على المملكة. وقد أعطيت في السابق تبريرات لمثل هذا النوع من الاستثمارات، منها أن أذون الخزانة الأمريكية تمتاز بخلوها من المخاطر، وهي مستقرة مالياً. والتساؤل المطروح: هل كان من الأجدى اقتصادياً استثمار فوائض المملكة المالية في مشاريع وأملاك عقارية وأراضٍ زراعية في الخارج تحل مشكلة الأمن الغذائي، أو في تحسين البنية التحية وإقامة مشاريع الطاقة النووية والطاقة المتجددة لتحلية المياه وإنتاج الكهرباء، أو في زيادة احتياطيات المملكة من الذهب الذي ارتفعت أسعاره إلى ما يقارب 1990 دولاراً للأونصة قبل عام وتبلغ 1675 دولاراً في بداية عام 2013م، أو في صكوك إسلامية ثبت جدوى عوائدها وتتمتع بقلة مخاطرها، وهي استثمارات تتفق مع الشريعة الإسلامية الغراء، وهي بعيدة عن الفائدة الربوية كالسندات؟ من ضمن أسباب غياب دراسات الجدوى الاقتصادية لاستثمارات الفوائض النقدية في المملكة نقص المعلومات نتيجة للسرية التي تحيط بها مؤسسة النقد العربي السعودي هذه الاستثمارات، وبالتالي نأمل من مؤسسة النقد العربي السعودية توخي الشفافية والإفصاح في هذه الاستثمارات، وهي مبادئ التزمت بها المؤسسة طبقاً لاتفاقيات بازل الأولى والثانية والثالثة (Basel Accords)، وإتاحة هذه البيانات لأساتذة الاقتصاد والباحثين الاقتصاديين في المملكة لتمكينهم من إجراء تقييم اقتصادي لكفاءة استثمار الفوائض المالية في المملكة، ويمكن عرض الأمر على مجلس الشورى الموقر لاتخاذ القرار المناسب في هذا الشأن البالغ الأهمية. ونحن بانتظار الإفراج عن بيانات استثمار الفوائض المالية للمملكة من حيث حجم الاستثمارات وأماكن استثمارها وعوائدها، لكي يتم تقييم كفاءة استثمار هذه الفوائض المالية.