أصدرت مجموعة سامبا المالية تقريراً عن الاقتصاد السعودي والتوقعات لعامي 2008و2009م وتطرق التقرير أن الاقتصاد السعودي يمر حالياً بمرحلة ازدهار واسعة النطاق وهي مرحلة يتوقع استمرارها في السنتين المقبلتين على أقل تحديد وتشمل القطاعات الرائدة بالإضافة إلى قطاع النفط والغاز وقطاعات الخدمات العامة والصناعات التحويلية والبناء والنقل والاتصالات والخدمات المالية. وفي ما يلي نص التقرير: إن كلاً من النمو والتباين الاقتصاديين في المملكة العربية السعودية سيستمران في تحقيق تقدم حقيقي، وسيحافظ الاقتصاد السعودي على زخم نموه في الفترات المقبلة. ويعمل في هذا الاتجاه استمرار الأسعار المرتفعة للنفظ، ضخ المزيد من الاستثمارات في قطاع النفط والغاز، والتحسن الجذري للبيئة الاقتصادية الداعمة للقدرات الهائلة الكامنة للقطاع الخاص. لذا، فاستمرار النمو القوي في استثمارات القطاعين العام والخاص سيسهمان في تحقيق معدلات نمو مستمرة في الناتج المحلي تفوق الستة بالمئة خلال السنوات المقبلة. - سيبقى القطاع النفطي الركيزة الأساسية للاقتصاد السعودي وسيعزز مساهمته في الناتج المحلي الحقيقي هذا العام لزيادة الإنتاج في النفط الخام وكذلك الاستثمار في طاقته الإنتاجية. ويقدر أن ينمو بالقيمة الاسمية بما يوازي الثلث، لاستمرار قوة أسعاره والطلب العالمي عليه، والقلق على توفر العرض الكافي، وكذلك للمضاربات في الأسواق العالمية. - ستدعم الزيادة المضطردة في العائدات النفطية المزيد من النفقات الحكومية (والتي تقدر بنحو 15% في السنة الحالية والسنة المقبلة) وسيوجه الجزء الأكبر منه نحو بناء البنية التحتية. كما ستحظى مخصصات الإنفاق على الأجور والرواتب والتحويلات بالزيادة أيضاً للتعويل عن ارتفاع تكلفة المعيشة التي يواجهها الاقتصاد السعودي. - وبالرغم من الدور المتزايد للانفاق الحكومي في تحفيز الاقتصاد، إلا أن القطاع الخاص غير النفطي أصبح باضطراد المحرك الأساسي لنمو الاقتصاد السعودي، وتجدر الإشارة أيضاً إلى أن الإصلاحات الاقتصادية المتكاملة والمتزامنة الآخذة في التنفيذ دعمت نمو الاستثمارات الأجنبية والمحلية وخاصة في قطاعات الصناعات التحويلية، الاتصالات، الخدمات المالية والمدن الاقتصادية. كما أن المثابرة بالإصلاح ستدعم احتمالات استمرارية نمو استثمارات القطاع الخاص. - إن نمو الانفاق الحكومي سيبقى متوازناً بالمقارنة مع نمو الإيرادات لتحقيق هدف الحفاظ على فائض للمالية العامة في حدود 20% من الناتج المحلي الإجمالي في كل من العام الحالي والعام المقبل. - إن وضع ميزان المدفوعات سيكون قوياً وسيحقق الحساب الجاري فائضاً موازياً ل 25% من الناتج خلال الفترة 2008-2009م، مما سيعزز حيازة المزيد من الأصول الخارجية. - إن التضخم المقدر بحدود 8% هذا العام هو أحد المخاطر الرئيسية التي تواجه الأداء القوي لاقتصاد المملكة. وبافتراض الالتزام بالسياسات الحالية، سيتأثر التضخم بسرعة الإنجاز في قطاع الإسكان وبتطور أسعار المواد الأساسية (وخاصة السلع الغذائية) وقيمة الدولار في الأسواق المالية. ومن المتوقع التحسن التدريجي في هذه العوامل الرئيسية المؤثرة بالأسعار خلال النصف الثاني من العام الحالي وخلال عام 2009م مما قد يؤدي بدوره إلى خمود الضغوط التضخمية والضغوط على الأجور والرواتب. ولا بد للسلطات السعودية أن تستمر بتقييم ودراسة الخيارات المتاحة في قراراتها الاقتصادية خاصة في ضوء الحفاظ على سياسة ربط الريال بالدولار في وقت يعاني فيه الاقتصاد الأمريكي من اشتداد الركود الاقتصادي بينما ينعم الاقتصاد السعودي بوضع مغاير جداً، حيث الرخاء الاقتصادي في أوجه. 1- الوضع العالمي والاقتصاد السعودي يحتل الاقتصاد السعودي دوراً رئيسياً في الاقتصاد العالمي وخاصة لدوره الرائد في الإنتاج النفطي وطاقته الفائضة في الإنتاج وأثره على العرض النفطي في الأسواق العالمية وعلى الأسعار، إضافة إلى ذلك، فإن المملكة تعتبر مصدراً هاماً لتصدير رؤوس الأموال الناتجة عن القطاع النفطي. وعلى الرغم من توجيه المزيد من عائدات النفط نحو الاستثمارات المحلية، فإن الأصول الخارجية آخذة بالارتفاع. ففي عام 2007، ارتفعت الأصول الخارجية لساما (البنك المركزي السعودي) بنحو 80مليار دولار. وقد استثمرت في أغلبها في أصول خارجية مقومة بالدولار الأمريكي، مما يمثل دعماً قوياً للدولار في وقت يعاني فيه الاقتصاد الأمريكي من ارتفاع في عجز الحساب الجاري وكذلك من تخوف تجاه إمكانياته في الفترات المقبلة. (سوف نقوم بدراسة أعمق لدور الاقتصاد السعودي في الأسواق المالية العالمية في تقرير لاحق). حققت المملكة نمواً سريعاً في اقتصادها في السنوات الأخيرة فقد ضاعفت دخلها الاسمي منذ العام 2002.ويقدر أن يحقق الناتج المحلي الإجمالي ما يقارب من 465مليار دولار هذا العام، مما يرفع بالاقتصاد السعودي إلى منزلة الاقتصاد السويسري، وهذا يوازي ضعف اقتصاد الإمارات العربية المتحدة أو نصف اقتصاد دول مجلس التعاون الخليجي مجتمعة. ويحتل الاقتصاد السعودي منزلة رئيسية في التجارة العالمية، كما أصبح ثاني أكبر مصدر لتحويلات العمالة إلى الخارج بعد الاقتصاد الأمريكي. أهمية أسعار النفط، أسعار السلع الغذائية وأسعار الفائدة على الدولار في الاقتصاد السعودي. وفي حين تكتسب المملكة المزيد من الأهمية في الاقتصاد العالمي، كذلك أصبحت التطورات في الاقتصاد العالمي ذات وقع هام على الاقتصاد السعودي، ونذكر أدناه أهمية المتغيرات الثلاثة الرئيسية: - الطلب العالمي: يؤثر النشاط الاقتصادي العالمي تأثيراً بالغاً في أسعار المنتجات النفطية وهي بدورها محدد رئيسي في حصيلة ميزان المدفوعات والوضع المالي للمملكة ولدرجة أقل في نموها الاقتصادي. - أسعار الفائدة على الدولار: تؤثر أسعار الفائدة على الدولار في نمو السيولة المحلية في المملكة وذلك للربط المباشر للريال السعودي بالدولار الأمريكي. - أسعار السلع العالمية: إن ارتفاع السعر العالمي للعديد من السلع وخاصة السلع الغذائية قد أدى إلى ارتفاع حاد في مؤشر أسعار المستهلك في المملكة. الطلب العالمي للنفط سيبقى ثابتاً من المتوقع أن يستمر النمو في الطلب العالمي في 2008على النفط حسب تقديرات الوكالة العالمية للطاقة (IEA)، على الرغم من المخاوف السائدة في الأسواق المالية العالمية، تقدر الوكالة ارتفاع الطلب العالمي بمقدار 1.7مليون برميل يومياً في 2008وبزيادة قدرها 0.9مليون برميل يومياً عن الزيادة المحققة في 2007، عاكساً استمرار قوة الطلب على النفط وخاصة وقود الشحن في الصين والشرق الأوسط. كما أن العرض النفطي سبقى محدوداً على الرغم من ارتفاع سعر البرميل إلى ما يفوق المئة دولار. إن الدول الأعضاء في أوبك حريصة على المحافظة على العرض النفطي وذلك لالتزاماتهم المالية الكبيرة والمتصاعدة. وقد قررت المنظمة في اجتماعها في أوائل شهر مارس الابقاء على الكوتا السارية للإنتاج حتى نهاية الصيف المقبل. وتشير مصادر ذات اطلاع داخل أوبك أن المنظمة قد تتخذ قراراً بتقليص الكوتا في حال انخفاض سعر البرميل إلى ما دون 80دولاراً. وقد يواجه السوق النفطي تقييداً في العرض من دول نفطية عدة مثل إيران، فنزويلا، العراق ونيجيريا، حيث إن الأوضاع السياسية وكذلك السياسة النفطية لهذه الدول لا تزال غير مستتبة. إن القدرة على زيادة الإنتاج في الدول غير الأعضاء في أوبك ستبقى محدودة خاصة أن تكلفة الإنتاج آخذة في الارتفاع. كما أن المضاربات في أسواق السلع كان لها أثر إضافي في رفع أسعار النفط لتوجه المستثمرين إلى مصادر استثمارات لا تتحلى بالطابع التقليدي ذي الدخل الثابت والأصول الرأسمالية، فإن مؤشر (S&P Goldman Sachs) للسلع ارتفع بمقدار 52% خلال الاثني عشر شهراً المنتهية في 26مارس المنصرم. ويعكس هذا الانطباع السائد بأن الانخفاض في أسعار الفائدة بما يفوق ما يضمنه الوضع الاقتصادي الحقيقي يؤدي إلى رفع أسعار السلع بسبب المخاوف التضخمية. ... ومن المرجح أن يبقى كذلك ونقدر أن اللجوء إلى المعاملات الوقائية منذ الأزمة المالية سوف ينفرج في الأشهر المقبلة على إثر انحسار هذه الأزمة. ومن المتوقع أن تتأثر اتجاهات أسعار السلع العالمية في الفترات المقبلة أكثر فأكثر بالنشاط الاقتصادي الحقيقي. وإذا ما اتجه الاقتصاد الأمريكي نحو ركود عميق وعلى أثره انخفاض في النشاط العالمي الكلي، فقد ينتج عنه تخفيف الضغوط على الأسعار للسلع وبما فيها أسعار المنتجات النفطية، ولكن إذا كان الركود في الاقتصاد الأمريكي محدود الوقع ولفترة وجيزة، فإن النمو العالمي قد يعيد وتيرته السابقة أو أكثر، مما سيعزز مزاولة الزيادة في أسعار السلع مرة أخرى. تشير المعطيات المتوفرة أنه من المرجح أن يبقى سعر المواد النفطية مرتفعاً لفترة ما. إن العقود المستقبلية المبرمة في وسط شهر مارس الماضي والتي يمتد استحقاقها لغاية ديسمبر 2010أبرمت على سعر يفوق 99دولاراً للبرميل. وقد نشاهد تحسناً في وطأة الضغوط السعرية على إثر انحسار الطلب على النفط من قبل الاقتصاد الأمريكي وكذلك لتقليص المضاربة في السوق النفطي من قبل الصناديق الوقائية (Hedge Funds). وبالاستناد إلى مبادئ السوق الجوهرية لا نرى انفراجاً في السوق النفطي ونقدر أن سعر النفط الخام سيكون في حدود 89دولاراً للبرميل الواحد في 2008، وسيرتفع إلى 94دولاراً في العام المقبل بالاستناد إلى توقع استعادة الاقتصاد الأمريكي لعافيته في 2009م. تتبع الولاياتالمتحدة سياسة نقدية توسعية من وجهة نظر السعودية، إن التوسع في السياسة النقدية للولايات المتحدة يثير تحديات أمام السلطات النقدية السعودية، فقد ارغمت ساما، على إثر قرار تخفيض سعر الفائدة الرئيسية بمقدار 300نقطة مئوية من قبل البنك الاحتياطي الفدرالي منذ سبتمبر الفائت ومؤخراً بمقدار 75نقطة في مارس، على اللحاق بالسياسة النقدية الأمريكية لربطها الريال بالدولار. فقد خفضت ساما سعر الفائدة على ودائع المصارف (Repo Rate) في وقت يعاني فيه الاقتصاد السعودي من زيادة في السيولة. إن وسيلة نقل أثر السياسة النقدية قد ضعفت أيضاً لحيازة المصارف على سيولة وفيرة. ولم يكن خفض الفوائد في الاقتصاد السعودي في الوقت المناسب، آخذاً بالاعتبار الضغوط التضخمية السائدة، كما تطلب هذا الإجراء في المقابل زيادة الاحتياطي الالزامي للمصارف. الأسعار العالمية للمواد الغذائية آخذة في الارتفاع سجلت الأسعار العالمية للسلع الأساسية ارتفاعاً ملموساً ومن الواضح بأن المملكة العربية السعودية قد جنت مكاسب من ارتفاع أسعار النفط، ولكن في الوقت ذاته عانى اقتصاد المملكة من ارتفاع أسعار الواردات من السلع الغذائية والتي تشكل نحو 26% في مؤشر الرقم القياسي للأسعار. ويظهر مدى الارتفاع في مؤشر مجلة الاقتصادي، حيث سجل لغاية 17مارس زيادة في أسعار السلع الغذائية مقيمة بالدولار قدرها 62% مقارنة مع العام السابق. ويعزى هذا الارتفاع لحد كبير لانخفاض سعر الدولار في الأسواق العالمية. كما ان أسعارها مقيمة باليورو ارتفعت بمقدار 12.6%. عوامل عدة أثرت في تصاعد أسعار السلع الغذائية. ان المضاربة في أسواق السلع وكما في حالة السوق النفطي كانت عاملاً هاماً في رفع أسعار السلع الغذائية بهدف التعويض عن انخفاض قيمة الأصول المالية. كما اتجهت الأسواق الناشئة نحو تخزين السلع الغذائية لتفادي توقع نقصها في الأسواق المحلية بالإضافة. فقد تبنى عدد كبير من الدول الرائدة في إنتاج السلع الغذائية سياسة فرض تعرفة على صادراتها من تلك السلع بهدف ضمانة وفرتها في الأسواق المحلية. كما ان الأحوال المناخية في بعض المناطق خاصة في أستراليا كانت غير مؤاتية وساهمت بدورها برفع الأسعار ومن العوامل المهمة أيضاً اتجاه بعض الدول وبالأخص الولاياتالمتحدة واستراليا بتكريس المزيد من الأراضي الزراعية لإنتاج النفط الطبيعي (Bio-Fuel) وتتأثر الأسعار في المدى الأبعد، بزيادة الطلب العالمي المرتبط بزيادة نسبة السكان الحضريين (على سبيل المثال، تقدر الأممالمتحدة ان عدد السكان الحضريين في الصين سيرتفع ب 320مليون نسمة بحلول العام 2030م أي بزيادة قدرها 36%). عواقب مباشرة للتضخم في المملكة ينعكس الارتفاع في الأسعار العالمية للسلع الغذائية مباشرة في مؤشر أسعار المستهلك للمملكة العربية السعودية. ويشير المؤشر الأخير إلى ارتفاع أسعار السلع الغذائية بنحو 13% خلال الاثني عشر شهراً المنتهية في فبراير (وهذا بالرغم من الدعم الهام لهذه السلع من قبل الحكومة)، ومن غير المتوقع ان يتقلص أثر أي من هذه العوامل في العام المقبل. ويبدو ان الضغط التصاعدي على أسعار المواد الغذائية سيستمر في المملكة. الاقتصاد يزدهر يمر الاقتصاد السعودي بمرحلة ازدهار واسعة النطاق ونتوقع استمرار هذه الوتيرة في السنتين المقبلتين على أقل تحديد وتشمل القطاعات الرائدة بالإضافة إلى قطاع النفط والغاز قطاعات الخدمات العامة، الصناعات التحويلية، البناء والنقل، الاتصالات والخدمات المالية. وتتصدر الحكومة هذا الزخم من النمو وهي مصممة على زيادة طاقتها لإنتاج المنتجات النفطية وتطوير البنية التحتية للاقتصاد. وبالإضافة إلى ذلك فإن القطاع الخاص قد زود بدعم الاصلاحات الهيكلية المستمرة المشجعة للمناخ الاستثماري. وبزيادة الاستثمار الخارجي المباشر، اكتسب دور طلب القطاع الخاص المزيد من الأهمية في النمو الاقتصادي وعزز هذا الدور ارتفاع أسعار النفط التي تجاوزت 100دولار في يناير من العام الحالي ونحو 110دولارات في أواسط مارس قبل ان تنخفض إلى حدود 100دولار حالياً. من المتوقع ان يحقق الناتج المحلي الإجمالي نمواً قدره 6.7% مقارنة مع نمو بلغ 3.7% في 2007م. سيتحقق هذا النمو لنهوض الإنتاج النفطي والنمو الحقيقي للقطاع غير النفطي بحدود 6.5% مدعماً بنمو ققوي للقطاع الخاص. الإنتاج النفطي يتجه نحو الارتفاع يستمر القطاع النفطي باحتلال الدور الريادي في الاقتصاد السعودي. ويوفر بدوره الموارد لدعم الاستثمار والثقة الاقتصادية بعد ان انخفض الإنتاج النفطي في العام الماضي التزاماً بحدود أوبك، يتجه الإنتاج للارتفاع في العام الحالي. تشير الاحصاءات الأخيرة لمجلة (MEES) Middle East Economic Survey إلى ارتفاع الإنتاج بمعدل 5.7% ليصل الإنتاج اليومي إلى 9.2ملايين برميل في فبراير. ونتوقع ان يرتفع الإنتاج هامشياً لهذا العام إلى 9.25ملايين برميل يومياً في المتوسط أي ما يوازي زيادة قدرها 6.3% مقارنة بالعام السابق. الاستثمار في القطاع النفطي إن النمو المتوقع في القطاع الهيدروكاربوني في المدى المتوسط سيدعم بتوجيه استثمارات هامة نحو هذا القطاع. ان المملكة عازمة على رفع قدرتها الإنتاجية لكي تغذي السوق العالمي بكميات إضافية من النفطي استجابة لزيادة الطلب. وتعمل المملكة حالياً على تعزيز الإنتاج في عدد من الحقول المنتجة، كما تتجه نحو الإنتاج من حقول جديدة للنفط والغاز. النمو القوي في الاستثمار غير النفطي إن الاستثمار في القطاعات غير النفطية يرتفع بقوة وسيحافظ على هذا النمط في المدى المتوسط وقد خول نمو القطاع النفطي للمملكة وفرة من الموارد المالية لكي تدعم القطاعات غير النفطية وكذلك دعم الثقة في القطاع الخاص، ان الهدف العام هو جعل المملكة محوراً للصناعة في الخليج العربي مرفقاً بقطاع خدمات متطور لقد أصبحت المملكة أكثر يقظة في تفادي الهدر الذي رافق الفترات السابقة من الازدهار النفطي، وتتجه حالياً إلى تشجيع القطاع الخاص ليمسك بزمام التطور الصناعي وتوفر المملكة الشراكة من خلال توفير البنية التحتية والخدمات الرئيسية. ان الاستثمار ضمن برنامج شراكة القطاع العام والقطاع الخاص (PPP) سيبلغ 250مليار دولار خلال الفترة 2007- 2012م. لقد جنى مستثمرو القطاع الخاص فائدة جمة من الاصلاحات الهيكلية التي أنجزت في السنوات الخمس الماضية والتي شملت إجراءات عدة في مجال التحرر الاقتصادي والشفافية وتقليص الروتين الحكومي ووفرت هذه الاصلاحات دعماً هاماً للقطاع الخاص برز أثرها في تحقيق معدلات نمو مرتفعة إذ أنها فاقت المعدلات المماثلة للقطاع العام غير النفطي في كل من السنوات السبع الماضية. وتجدر الإشارة ان وتيرة الاصلاح لم تتوان نتيجة الازدهار النفطي وزيادة عائدات النفط،، مما يوعز بأن زخم الاصلاح سيستمر في المدى المتوسط وتظهر الاستثمارات الخاصة الكبيرة في قطاع الصناعات التحويلية (شاملة الصناعات البتروكيماوية وتكرير النفط) والقطاع العقاري ان مدينة الرياض تمر في فترة انتعاش قوي في مجال البناء للأغراض السكنية والتجارية لتلبي الطلب القوي نتيجة نمو وتوسع الاقتصاد السعودي. كذلك يحقق قطاع البناء ازدهاراً ملموساً في المدن الاقتصادية (انظر مربع 2). قد يشكل الارتفاع السريع في تكلفة البناء العقبة الوحيدة في وجه هذه الوتيرة من النمو في قطاع الإنشاء والبناء ان الارتفاع في أسعار مواد البناء وندرة العمالة المؤهلة خاصة في الهندستين المدنية والمعمارية وإدارة المشاريع إضافة إلى ضعف سعر الدولار في الأسواق المالية قد أديا إلى تجاوزات في تكلفة البناء وتوان في الإنجاز. المدن الاقتصادية إن نموذج الشراكة بين القطاعين العام والخاص (PPP) الذي يمثل اسلوب الحكومة في تنمية البنية التحتية يعتبر اسلوباً أساسياً لتنمية المدن الاقتصادية في المملكة. وقد تم تخطيط سبع مدن اقتصادية موزعة كالتالي: الدمام على شاطئ الخليج، هال في وسط المملكة، سدير في الوسط، أيضاً تبوك في أقصى الشمال الغربي، المعرفة بالقرب من المدينة في غرب المملكة، مدينة الملك عبدالله في رابغ على البحر الأحمر، وجازان في أقصى الجنوب الغربي. وتقدر السلطات ان عند انجاز هذه المشاريع السبع ستساهم هذه المدن بنحو 170مليار دولار للدخل المحلي وسوف تخلق 105ملايين فرصة عمل. وتنظر السلطة إلى هذه المدن كوسيلة هامة لخلق العمالة في المناطق النائية في المملكة حيث معدلات البطالة تكون عادة مرتفعة. وتستند هذه المدن على مبدأ التجمع العنقودي حيث ان الشركات العاملة في مجال واحد تستفيد من المميزات المتوفرة في المجمع الواحد مثل المواد الأولية، البنية التحتية، الموارد البشرية، والمنافع الأخرى. وفي حالة المملكة، تحصل الاستفادة الأكبر لهذه المجمعات من انخفاض تكلفة الطاقة، وعلى سبيل المثال ستحصل شركة صهر للألولمنيوم على سعر تغذية للطاقة يوازي فقط 7% من التكلفة الكلية مقارنة مع 17% في ألمانيا و38% في الصين. وتعتبر مدينة الملك عبدالله أكثر المدن الاقتصادية تقدماً من حيث الإنشاء وتتمتع بموقع مميز لقربها من ميناء جدة ومجمع Petro Rabigh بترو - رابغ لتكرير النفط والمواد البتروكيماوية، مما يخول تغذية المدينة بمدخلات الطاقة اللازمة. وكذلك موقع سدير سيكون معبراً لخط سكة حديد متجهاً شمالاً - جنوباً. كذلك فإن خط أنابيب أرامكو المتجه شرقاً - غرباً سيمر في هذه المنطقة الصناعية. بينما من الممكن أن تواجه المدن الاقتصادية ذات المواقع النائية صعوبة في استقطاب استثمارات القطاع الخاص. الخدمات تنمو بقوة لقد حفز انضمام المملكة العربية السعودية لعضوية منظمة التجارة العالمية منذ عام 2005زيادة الاستثمار أيضاً في قطاع الخدمات. لقد شهدت المصارف الاستثمارية نمواً ملحوظاً. وقد أصدرت سلطة الأسواق المالية تراخيص لما يقرب من 80مصرفاً استثمارياً "وأغلبها ذات ملكية مشتركة مع مؤسسات أجنبية" خلال السنوات القليلة الماضية. كما تشهد المصارف السعودية نمواً في استثماراتها بهدف توسيع خدمات التجزئة. كذلك تشهد قطاعات النقل الجوي، الاتصالات والتأمين زيادات ملحوظة في الخدمات والاستثمارات، وقد اكتسب قطاع التأمين من القوانين الصادرة أخيراً التي تفرض بعض أنواع التأمين اجبارياً. وكما أن الازدهار السائد في قطاع البناء نشط الخدمات العقارية. الاستهلاك الخاص ينمو ثانية إن احصاءات استهلاك القطاع الخاص محدودة جداً، وتشير احصاءات ساما ان الائتمان الاستهلاكي نما فقط بمقدار 1% في عام 2007، بعد أن سجل انخفاضاً محدوداً في العام السابق. وتدل هذه المؤشرات إلى تحفظ الاستهلاك الخاص ومن المحتمل أن يكون قد تأثر بانخفاض قيمة الأسهم بنحو 60% في عام 2006"أي ما يوازي 150% من الناتج المحلي الاجمالي" وكذلك بارتفاع الضغوط التضخمية. ولكن لابد من اليقين عندما نستند إلى مستوى الائتمان كمؤشر بديل لاتجاه الاستهلاك الخاص، حيث ان المستهلك السعودي يتجنب الاستدانة لتمويل الاستهلاك ويحوز على ديون فردية منخفضة جداً، وقد يؤمن التمويل من مصادر غير مصرفية، وفي نفس الوقت فقد اعتمدت ساما قيوداً على الائتمان المصرفي الاستهلاكي. وبالنظر إلى المستقبل القريب، من المتوقع أن يحفز الاستهلاك الخاص كل من انخفاض الفوائد "خاصة الفوائد الحقيقية" وزيادة الأجور والرواتب في القطاع العام والتحويلات، وانتعاش القطاع الخاص ذاته. ويظهر جلياً أن أثر أزمة السوق المالي على الاستهلاك كانت أقل مما توقع حيث أن أثر انخفاض الثروة من جراء انخفاض الأسهم كانت محدودة كون أن أغلبية المستثمرين حازوا على الأسهم الجديدة (IPOs) بأسعار بخسة فكانت الخسارة النهائية محدودة. إن النمو المتوقع في الاستهلاك في العام الحالي سيؤدي إلى زيادة الانفاق الحقيقي على السلع المستوردة أيضاً. وستكون هذه الزيادة بالاضافة إلى توقع زيادة قوية بالطلب على السلع الأولية والوسيطة المستوردة لتلبية حاجة برنامج المملكة الصناعي الضخم. أما من ناحية الصادرات الحقيقية، فستحدد لحد كبير حسب تقييم المملكة "وكذلك أوبك" بالنسبة للطلب العالمي للنفط وتطور السوق العالمي للبتروكيماويات. وعلى هذا الأساس من المتوقع أن تحقق الصادرات نمواً معتدلاً، ولكن مع تقدير استيراد قوي، ستكون الحصيلة الصافية للتجارة الخارجية سالبة. الوضع المالي والخارجي إن الارتفاع المتواصل في أسعار النفط العالمية أدى بدوره إلى تسجيل فائض في الميزانية العامة وكذلك في ميزان المدفوعات، ومن المتوقع أن تتسع الفجوة في هذه الفوائض في عام 2008.الوضع المالي راسخ لقد تطرقنا لأداء مالية الحكومة في تقرير سابق، ولكن سنلقي نظرة ثانية على تلك المؤشرات. باختصار يبقى الوضع المالي قوياً جداً وقد أتاح المزيد من القدرة على الانفاق الاستنسابي خاصة بعد خفض مدفوعات الفوائد. كما أن نوعية الانفاق قد تحسنت مع زيادة المخصصات للبرامج الاجتماعية والإنفاق الرأسمالي. وقد سجلت المالية فائضاً مقداره 179مليار ريال " 48مليار دولار" في عام 2007وما يوازي نحو 13% في الناتج المحلي. ولكن هذا الفائض بلغ ثلث ما حقق في عام 2006.ويعزى سببه للانخفاض في عائدات القطاع النفطي بنحو 6% والذي نتج عن احجام المملكة انتاج الكميات السابقة لالتزامها بسقوف أوبك. بينما ارتفع الانفاق العام إلى 14% لزيادة الانفاق الرأسمالي. وخصص كما في السنوات السابقة الجزء الأكبر من الفائض لاطفاء الدين العام حيث انخفض إلى 19% من الناتج، وزيادة الأصول الخارجية الرسمية. وقد كان من الممكن إطفاء جزء من الدين العام، وإنما رغبت السلطات في الحفاظ على مستوى من الدين لإدارة السيولة. ومع وجود مستوى مرتفع من ودائع الحكومة في الجهاز المصرفي، فقد أصبح صافي الدين العام سالباً. فائض قياسي آخر للمالية في 2008تشير ميزانية عام 2008إلى خفض النفقات الجارية. ولكن القلق السائد فيما يخص التضخم، حث الحكومة على زيادة النفقات الاجتماعية خلال مطلع العام الحالي، وأخذاً بالاعتبار ان الانفاق الرأسمالي سيحافظ على وتيرته القوية، فمن المتوقع أن يرتفع الانفاق الكلي إلى 16%. وعلى الرغم من ذلك، إن المكاسب المتوقعة في سعر النفط وتوقع أيضاً ارتفاع الانتاج النفطي سوف يولد زيادة في الإيرادات تقدر بنحو 48% مما سينتج عنها فائضاً كلياً في حدود 23% من الناتج المحلي. بالاضافة إلى فائض الحكومة المركزية، يتوفر لكل من وكالة التقاعد العام والمنظمة العامة للضمان الاجتماعي فوائض نقدية كبيرة، ولكن تعاني هذه المؤسسات أيضاً من فجوات اكتوارية غير ممولة والتي تعزى إلى زيادة الحد الأدنى للتقاعد مؤخراً وزيادة في التقاعد المبكر. إن السلطات على اطلاع على هذه الفجوات وتجرى الآن مراجعة قانون التقاعد لمعالجة هذا الأمر. الوضع الخارجي قوي أيضاً إن أداء القطاع الخارجي للاقتصاد السعودي بقي قوياً ومن المتوقع أن يحافظ على متانته خلال عام 2008.لقد بلغ عجز الحساب الجاري 20% من الناتج المحلي في عام 2007، حسب تقديرات ساما. وقد حقق هذا الفائض، على الرغم من زيادة المدفوعات للواردات بنحو الثلث "مرتبطة بزيادة أسعار السلع الأولية والمواد الغذائية". أما الايرادات من الصادرات فقد تقلص نموها إلى 8% وذلك لأن زيادة سعر النفط رافقها خفض الانتاج التزاماً بالكوتا لأوبك. ان فائض الحساب الجاري هو قياس أيضاً للزيادة في صافي الأصول الأجنبية في الخارج والتي بدورها تتكون من صافي التدفقات الرأسمالية ومن تراكم الأصول الخارجية، وقد بقي الحساب الجاري كبيراً على الرغم من زيادة النفقات الجارية عاكساً محدودية الاستيعاب للاقتصاد السعودي. ان الطلب من قبل الصناعيين سيبقى قوياً كما أن الطلب الاستهلاكي بدأ بHسترداد مستوياته السابقة، ومن المستبعد توقع انحسار أسعار المواد الأولية، أما الصادرات لهذا العام فسوف تنمو بسرعة بسبب ارتفاع متوسط سعر النفط، ستؤدي هذه الاتجاهات الى المزيد من ارتفاع الميزان التجاري الى رقم قياسي بحدود 45% من الناتج المحلي. ومن المتوقع اتساع عجز المعاملات غير المتطورة من جراء ارتفاع تكلفة الخدمات المتخصصة، وتواجه دول الخليج طلباً متزايداً على عرض محدود من الاختصاصيين وخاصة في مجالات ادارة المشاريع، الهندسة، الهندسة المعمارية والاختصاصات المالية، مما أدى بدوره الى ارتفاع شديد في رواتب هذه المهن خاصة في المملكة العربية السعودية، ومن المقدر أن تبقى تحويلات العمالة الوافدة مرتفعة في فترة الازدهار السائدة ولذا سيستمر صافي تحويلات العمالة في تسجيل عجوزات، كما أن تحويل الأرباح من قبل الشركات الأجنبية العاملة في المملكة أخذت في الازدياد بسبب الازدهار الساري والحجم المتزايد للاستثمارات المباشرة في السنوات الأخيرة، وسيسجل حساب الدخل فائضاً على الأرجح هذا العام نتيجة التحسن الملحوظ في ايرادات المملكة من صافي الأصول الأجنبية المستمرة في الارتفاع، وتشير هذه الاتجاهات الى أن الحساب الجاري سيحقق فائضاً قدره 128مليار دولار، أي ما يوازي 28% من الناتج المحلي. تدفق الاستثمار المباشر في ازدياد ان احصاءات حساب رأس المال غير متوفرة بالقدر الكافي مما يعيق القدرة على التحليل الكامل لهذه التدفقات، لقد بلغت التدفقات الرأسمالية الى المملكة نحو 18مليار دولار في عام 2008حسب احصاءات SAGIA، ومن المقدر أن تكون قد ارتفعت منذ ذلك الحين وخاصة بعد ابداء العديد من الشركات الأجنبية اهتمامها بالمشاركة في مشاريع المملكة المشتركة مع القطاع الخاص (PPP)، ولا تتوفر احصاءات عن التدفقات الرأسمالية للخارج، ويعتقد أن تكون ذات مستوى هام، كذلك لا تتوفر احصاءات تذكر عن التدفقات المستثمرة في الأسواق المالية وخاصة في استثمارات الحافظة، ولا يحق للأجانب الاستثمار المباشر في بورصة السعودية، ولكن يخول لهم الاستثمار في السوق المالي من خلال الاستثمار في الصناديق المشتركة (Mutual Funds). ومن الواضح أن ازالة العوائق في وجه الاستثمارات الأجنبية سوف يشجع تدفقات كبيرة لرؤوس الأموال من الخارج، أما تدفقات الحافظة للخارج، فهي مرتفعة بدون شك وذلك لاستثمار القطاع العام والقطاع الخاص السعوديين في الأسواق المالية العالمية والأسواق الاقليمية، وتعتبر مصر والمغرب وكذلك الأردن من الدول المرغبة لاستثمارات الحافظة السعودية. ان الاحصاءات المتوفرة عن الأصول الخارجية لا تعكس الوضع الكلي لميزان المدفوعات، وتشير احصاءات ساما الى أن الاحتياطات، باستثناء الذهب، ارتفعت الى 33.8مليار دولار حتى نهاية عام 2007، وDوازي هذا المبلغ 2.7أشهر من الواردات من السلع والخدمات والدخل ولكن الوضع الكلي المزدهر للقطاع الخارجي ينعكس في حيازة ساما من صافي الأصول الخارجية، ففي عام 2007، ارتفع صافي الأصول الخارجية بمقدار 36% ( 80مليار دولار) ليصل الى 301مليار دولار (80% من الناتج المحلي أو ما يوازي 20شهراً من الواردات) وقد وصل هذا الصافي الى 319مليون دولار مع نهاية شهر يناير من هذا العام، وتجدر الاشارة الى أن ساما تقيم قيمة أصولها الخارجية على أساس القيمة وقت التسجيل ولا تعيد تقويمها، ولهذا قد تكون في الأغلب قيمة أصولها أعلى من القيمة الدفترية المسجلة (Book Value)، وتشكل السندات الأجنبية غالبية أصول ساما الخارجية، وكما هو متبع عادة من قبل البنوك المركزية، لا تنشر ساما تكوين حيازتها في الأصول الخارجية، ومن الممكن أن تكون ساما قد استثمرت في سندات الدول الناشئة، ولكن من المعتقد أن غالبية أصولها مكونة من سندات مقومة بالدولار ذات سيولة قصيرة الأجل. أما تقدير الاستثمارات الأجنبية للقطاع الخاص السعودي فهي من الصعوبة بمكان من حيث الحجم ونوعية الأصول. وتقليدياً يتجه المستثمر السعودي الفردي نحو تفضيل الأصول المقومة باليورو أو الجنيه بالاضافة الى رغبة قوية نحو حيازة الأصول العقارية. الدين الخارجي ارتفع ولكنه يبقى ضئيلاً نقدر أن الدين الخارجي قد ارتفع الى 65مليار دولار حتى نهاية 2007، ان النمو السريع الذي تحقق في الاقتصاد في السنوات الأخيرة نتج عنه انخفاض لنسبة الدين الى الناتج المحلي الاجمالي الى 17% اضافة الى ذلك، فاذا أخذنا بالاعتبار حيازة ساما من الأصول الخارجية، فان صافي الدين العام يصبح سالباً ويتجه نحو الانخفاض. تجدر الاشارة أيضاً الى أن الحكومة المركزية لا تحوز على أية التزامات خارجية (ديون خارجية)، وان الزيادة في الدين الخارجي على المملكة هو حصيلة الاستدانة من قبل الشركات الخاصة للحصول على رؤوس الأموال لغرض الاستثمار، وتشير الاحصاءات المتوفرة حتى نهاية 2007الى أن الاقتصاد السعودي لم يعان من الضيقة السائدة حالياً في أسواق الائتمان، كما أن جاذبية الاستثمار الأجنبي في المشاريع السعودية لا تزال سائدة، وتقدر الزيادة في معاملات الدين الخارجية للمملكة حسب احصاءات المصارف المبلغة لل BIS بنحو 16% فقط بين الفصل الثاني والفصل الثالث من عام 2007، مما أدى الى ارتفاع الأصول الخارجية الى 58مليون دولار، ولكن ابتدأ بظهور تقشف في تمويل المشاريع في منطقة الخليج على أثر الأزمة المالية العالمية، ولذا يتوقع زيادة تكلفة التمويل للمشاريع السعودية. نمو سريع في العرض النقدي (M3). لقد سجلت الكتلة النقدية زيادة سريعة، وتشير احصاءات البنك المركزي بأن التوسع النقدي مقاساً بالتعريف الأوسع للنقد (M3) ارتفع بنحو 24% خلال الاثني عشر شهراً المنتهية في يناير 2008، مقارنة ب 19.6% خلال الفترة المماثلة المنتهية في نهاية ديسمبر، ان السيولة المتأتية من العائدات النفطية لتمويل مستويات أعلى من الانفاق هي المصدر الرئيسي لهذه الزيادة، لقد ارتفع صافي الأصول الأجنبية للمصارف بحدة عاكساً زيادة في ودائع الحكومة، وكذلك الفارق السالب بين سعر الفائدة للبنوك على الريال مقابل الفائدة على الدولار. (الائتمان الخاص يرتفع) وساهمت هذه التطورات في زيادة الائتمان للقطاع الخاص، وكما ساهم في زيادة السيولة الاقتراض المفرط للاستثمار في البورصة حيث بلغت معدلات نموه 40% سنوياً خلال 2004- 2005، ان تقييد الاقراض الخاص من قبل ساما في ديسمبر 2005اضافة الى التصحيح الكبير في البورصة أديا الى انخفاض الائتمان الخاص في النصف الثاني من 2006وفي 2007.ومن ثم استعاد الاقراض للقطاع الخاص خاصة للشركات نموه، وقد سجلت المصارف زيادة سنوية بالائتمان قدرها 26.6% للفترة المنتهية في يناير 2008مقابل زيادة سنوية بلغت 21.4% للفترة المماثلة المنتهية في ديسمبر 2007، وتحقق هذا النمو على الرغم من رفع الاحتياطي الالزامي من قبل البنك المركزي في شهر نوفمبر من ت7% الى 9% ومرة ثانية الى 10% في يناير. وكان أثر هذا الاجراء محدود جداً بسبب المستوى المرتفع للسيولة الفائضة في المصارف، حيث إن متوسط نسبة الاقراض الى الودائع بلغ 78%، مشيراً الى وفرة السيولة في المصارف حتى بعد رفع الاحتياطي الالتزامي. سياسة الفائدة للولايات المتحدة تغذي السيولة ان ادارة السياسة النقدية أصبحت أكثر تعقيداً بعد خفض الفائدة على الدولار، لقد اضطرت ساما الى اللحاق بالسياسة الأمريكية بسبب ربط الريال بالدولار، واتبعت ساما سياسة نقدية توسعية موازية لسياسة البنك الفدرالي والذي خفض سعر الفائدة (Federal Funds Rate)بمقدار 300نقطة مئوية منذ أيلول الماضي، ولقد حافظت ساما على سعر اعادة الشراء (5.5%)، وهو السعر الذي يرشد أسعار فائدة الاقراض في المملكة، ولكن لتفادي التدفقات المالية ذات الطابع التضاربي الذي قد يعرض سعر صرف الريال الى ضغوط نحو الارتقاع، اضطرت ساما الى خفض سعر الفائدة على احتياطيات المصارف لديها (Repo Rate) الى 2.25% وقد حفز هذا الاجراء المصارف الى البحث عن منافذ ذات عائد أفضل في الاقتصاد، مما أدى بدوره الى زيادة السيولة، لكن وقع هذا الاجراء كان أقل مما توقع، حيث إن فرص الاقتراض مقيدة نتيجة وضع سقوف من قبل ساما على حجم وفترة استحقاق القروض لغرض الاستهلاك، وفي الوقت ذاته يتمتع قطاع الشركات بوفرة من الائتمان المتاح. تشير احصاءات البنك المركزي أن اقراض المصارف موجه في معظمة نحو الشركات بدلاً من القطاع العائلي، وعلى الرغم من زيادة حجم الائتمان الاسمي للعائلات لغرض الاستهلاك الا أن نصيبه في الاقراض الكلي انخفض الى نحو 32% في نهاية عام 2007مقابل 42% في نهاية عام 2005عندما كان الاقراض لغرض الاستثمار في الأسواق المالية في أوجه، وبالرغم من ذلك، يتوجب على البنك المركزي أن يقيد الاقراض الاستهلاكي. الجهاز المصرفي يحافظ على سلامته يبقى القطاع المصرفي السعودي سليماً وقد قاوم أصداء التقيد الائتماني العالمي، ولديه القدرة على مقاومة أية تدهور في الأزمة العالمية. ان تعرض المصارف السعودية الى الدين الثانوي أو أدوات الاستثمار المركبة هي محدودة، وتتميز المصارف أيضاً بحيازتها على نسبة مرتفعة من الرسملة والتي بلغت في المتوسط 21.9% وتقدر شركة موديس (Moodys) نسبة القروض غير العاملة بنحو 1.8% وهي أيضاً ممونة بالاحتياط اللازم، وعلى الرغم من ذلك تبقى نوعية الموجودات معرضة الى تدهور أسعار النقط، ولكن قوة الاقتصاد والأسس المالية تخول تفادي الآثار السالبة لتدهورها، وبشكل اجمالي، فان المصارف تمارس الأساليب الملائمة لادارة المخاطر وتقوم بتحسين كفاءتها في هذا المضمار مع مرور الوقت ومع اقتراب الالتزام بمعايير Basel ll، وبشكل اجمالي، فان البيئة التنظيمية للمصارف هي من الأفضل في المنطقة، ومن المقدر تحسن ربحية المصارف بعد انحسار أثر التصحيح في الأسواق المالية وبعد أن تستفيد من البيئة الديناميكية للاقتصاد. يتوقع تحسن الربحية على أثر نهاية التصحيح في أسواق البورصة وباستفادة البنوك من بيئة ديناميكية للعمل لا تتوفر بعد الاحصاءات الشاملة لعام 2007، ولكن يقدر أن متوسط العائد على رأسمال المصارف قد حافظ على مستواه في حدود 25% مقابل ما يفوق عن 35% في عام 2006(سجل اجمالي الأرباح الأسمية انخفاضاً قدره 15% في عام 2007). ان تضاؤل الربحية تعكس وقع انخفاض الرسوم الواردة من عمولة معاملات سوق الأسهم، وانخفاض الفائدة على الودائع في السوق التقدي بين المصارف، وبالرغم من أن التصحيح في سوق الأسهم قد حدث في عام 2006، الا أن حجم المعاملات حافظ على مستوى جيد مع خروج المستثمرين من سوق الأسهم، وقد ساعد هذا الوضع على دعم حصيلة الدخل من العمولة والاستشارات المالية، كما أن دخل سوق الأسهم قد استفاد من دخول عدد من شركات السمسرة في هذا السوق، وقد أعلن عدد من المصارف السعودية بأن أرباحها خلال الفصل الرابع قد تحسنت على أثر انتعاش سوق الأسهم وان دخل المصارف من معاملات أسواق الأسهم (دخل العمولات) سوف يرتفع في المدى المتوسط على الرغم من ما شهده هذا السوق من تقلب خلال الفصل الأول من هذا العام، لقد حث الانخفاض في عائد المصارف من الايرادات الناتجة عن عمولات سوق الأسهم الى اعادة تركيز الاهتمام على جوهر أعمال المصارف. لذا، فان الاقراض للشركات، سيبقى قوياً بالاستناد الى معطيات النمو والاستثمار، وبينما الائتمان الموجه لتجارة التجزئة سيكون مقيداً من جراء كبح الاقراض الفردي من قبل ساما وكذلك بسبب تقلب قطاع الاستهلاك الناتج عن انهيار سوق الأسهم في عام 2006، وارتفاع التضخم، ولكن تكمن قدرة كبيرة لاستمرار نمو الاقتصاد السعودي، والذي سينمو 25% هذا العام، وحيث الدين المرتبط بالاستهلاك لا يفوق 14% وأصول المصارف لا تتجاوز 50% من الناتج المحلي قابل 90% في الامارات العربية المتحدة. المشاريع البتروكيماوية والتكرير بالإضافة للجهود الرامية إلى رفع الطاقة الإنتاجية في قطاع النفط تقوم شركة أرامكو بتوسيع طاقتها الإنتاجية لتكرير النفط بهدف تحقيق أقصى العوائد من احتياطها من النفط الثقيل وتبلغ طاقة المملكة الحالية من تكرير النفط نحو 2.1مليون برميل يومياً، ما يوازي 20% من طاقة الإنتاج من النفط الخام، ولكن ارتفاع تكلفة الإنتاج والنقص في اليد العاملة يعيقان تحقيق التطور المرجو في هذا المجال وهذه العوائق مماثلة لتلك التي تواجهها القطاعات الأخرى. إن تكلفة إنشاء مصفاتان للتكرير النفط بالتعاون مع شركة توتال (TOTAL) الفرنسية في منطقة جبيل وشركة كونكو فيليبس الأمريكية (Conoco Philips) في ينبع يعانيان من ارتفاع كبير في التكلفة بلغت لكل منهما 10مليارات دولار مقارنة بتكلفة مقدرة بنحو 6مليارات دولار في البدء ويعزى هذا الافراط في التكلفة إلى ارتفاع أسعار المواد الأولية ندرة اليد العاملة الكفؤة. إضافة إلى ضعف الدولار والذي بدوره أدى إلى زيادة تكلفة المستوردات كما يعزى التأخير في الإنجاز إلى صعوبة هذين المشروعين في حد ذاتهما ولا تزال شركة توتال ملتزمة بإنجاز المشروع ولكن شركة كنكو فيليبس قد تتخلى عن الشروع في مشروعها ومن المتوقع ان يتخذ القرار النهائي في هذا الشأن في منتصف هذا العام. إن وزارة النفط تسعى إلى إنشاء محطة تكرير في جازان في أقصى الجنوب الغربي من المملكة. وقد أبدت بعض الشركات الأجنبية الاهتمام بالمساهمة بهذا المشروع، ولكن الشركات الوطنية تبدو مترددة في الفوز فيه. إن الحافز للشركات الأجنبية يكمن في رغبتها في الحصول على مدخل استراتيجي في قطاع الطاقة السعودي. بدلاً من هامش الربح الذي عادة ما يكون منخفض في مشاريع بناء محطات التكرير النفطي. ومن الوسائل التي تؤدي إلي زيادة الاستفادة من مشاريع التكرير هي دمجها في مشاريع البتروكيماويات وهذا هو الاتجاه في إنجاز المشروع الصناعي في رأس تنورة تقدر قيمة هذا المشروع ب 22مليار دولار وسيكون من أكبر المشاريع في المنطقة وسيشمل أيضاً على تحسين محطة رأس تنورة لتكرير النفط، وإنشاء مصنع للبتروكيماويات لإنتاج 30سلعة مختلفة. وسينفذ المشروع بالاشتراك مع أرامكو وشركة دو كيمكال (Dow Chemical co.) ولحينه لم يتخذ قرار نهائي ولم يحدد موقف بعد لإنجاز المشروع. يعتبر مشروع (Petero Rabigh) من المشاريع الضخمة في هذا المضمار ومن المتوقع افتتاحه في القريب العاجل بتكلفة تناهز ال 10مليارات دولار. وتعتبر هذه التكلفة باهظة، حيث ان الميزانية الأساسية كانت توازي نصف هذا المبلغ ويستملك السعوديون 20% من قيمة هذا المشروع بعد ادراجه جزئياً في السوق المالي السعودي في شهر فبراير بينما تحظى كل من أرامكو وسوميتومو Sumitommo على 37.5% ويعتبر ان هذين المشروعين رمزاً لجهود أرامكو لتطوير مجمعات بتروكيماوية متطورة.