كشف الروائي محمد الجمل في أحدث مؤلفاته «نجيب محفوظ.. وليالي سان ستيفانو» عن آراء جديدة لنجيب محفوظ تناول فيها الكاتب العالمي بالنقد بعض الشخصيات الهامة في المجتمع المصري. وكان صاحب نوبل أسرَّ بها للمؤلف من خلال الصداقة التي جمعت بينهما. ووصف المؤلف محاوراته مع صاحب نوبل ب»غير المألوفة»، وإنما اتخذت شكل بنية سردية تستخدم الكلّي، وتمزج بين الحوار والتعليق. وفي الندوة التي أقامها نادي دار العلوم، وحضرها الناقد شعبان يوسف، والناقد الدكتور حسام عقل، عن تنقل محفوظ بين الأماكن في الإسكندرية، قال الجمل إنه بدأ ضيفاً على ندوة توفيق الحكيم في كازينو «بترو»، ثم في كازينو «الشانزلزييه»، لينتقل بعد رحيل الحكيم إلى سان ستيفانو ويقيم ندوته الخاصة. وأضاف الجمل إن محفوظ أطلق على محمد حسنين هيكل لقب الكاتب الأصيل، في الوقت الذي تبنى موقف المعارض الأمين من عبد الناصر والسادات، فانتقدهما في حياته من منظور أدبي، في كتاب « أمام العرش»، ورواية «يوم قتل الزعيم». وأزال الستار عن موقفه الغاضب الذي جعله يعزف عن الاستماع إلى توفيق الحكيم وهو يتحدث عن نظرية المستبد العادل، فقال له محفوظ كفانا ما سمعناه منك عن المستبد العادل، تنبأت به في رواية عودة الروح، وكفرت به في كتابك عودة الوعي، ومازلت تحدثنا عنه وتنتظر ظهوره. كيف يجمع أي حاكم بين نزعة الاستبداد وتحقيق الحرية والعدالة الاجتماعية، ومن الذي يحاسبه ويعطيه الشرعية غير شعبه؟». ولفت إلى أن أجمل ما في صحبة الكاتب العالمي تمثلت في قدرته على التلميحات والإشارات الموحية بالرمز إلى لب المواقف والأحداث، ومنها على سبيل حديثه مع الدكتور جلال أمين في إحدى الندوات التي أخذ يتحدث الأخير فيها عن سلبيات حقبة السادات، ولم يذكر ميزة واحدة، وما إن توقف عن الحديث حتى قال له محفوظ لم تذكر أهم ميزة عند السادات، فسأله جلال أمين ما هي؟ قال الأستاذ «إنه مات». واختتم الجمل حديثه بقوله قدمت في كتابي ترجمة غيرية أدبية للكاتب الذي حمل زمن الرواية العربية في صياغة جمعت الشخصي والاجتماعي والتاريخي والإنساني. كما وصف الناقد شعبان يوسف أدباء مصر بأنهم يتامى نجيب محفوظ، وقال لا أجد كبيراً للثقافة بعد رحيله، فقد حظيت بالجلوس إليه، وتكبدت مشقة البحث عن مقهى ريش لألتقي بالكفراوي، وأصلان، وغيرهم، فوجدت محفوظ بينهم يمتاز بخفة الظل، والرد المحافظ، وكان مجاملاً كبيراً ومراوغاً في رأيه، ويرفع شعار «ابعد عن الشر وغني له». وقال يوسف يؤخذ على نجيب محفوظ أنه انتقد سيد قطب بعد وفاته، من خلال روايته «المرايا»، التي خُصص لها فيها فصل كامل، هو فصل إسماعيل عبد الفتاح، رغم أنه كان على علاقة إيجابية به في حياته، وكان كل منهما يمتدح الآخر، وهو الفصل الذي اعتبر يوسف أنه جاء لخدمة السلطة، وأضاف بأن الأمر نفسه تكرر في روايته «الكرنك»، التي هاجم فيها عبد الناصر بعد رحيله. أما وصف محفوظ لهيكل بالكاتب الأصيل، فقال عنه يوسف إنه قال ذلك لأن هيكل استقطب محفوظ للمؤسسة. ومن جانبه، لفت الناقد الدكتور حسام عقل إلى الاتهامات التي صاحبت محفوظ، ووصلت إلى القول بأنه يسرف في الكتابة، حتى حصل على نوبل فتغيرت النظرة إليه، وأشار إلى قصة محفوظ «العاصفة» التي استشعر فيها إحساسه بثورة يناير، وقال فيها إن نُذر الغضب سوف تنتج شيئاً كبيراً، فقد تنبأ في القصة بعاصفة تطيح بالشيوخ، ولا تبقي إلا الشباب. وكأنه كان يشعر بشيء شعبي قادم. نجيب محفوظ