أشعرني مقال الزميل ياسر حارب بمدى جلافتي وغلظتي مع زوجتي، ودفعني لاستذكار مواقف كثيرة خذلتُ فيها الرومانسية رغم محاولاتي التلبس بها، إلا أنني أفشل كل مرة، وربما كانت بدايتي حسنة ثم ينهار المشروع الرومانسي حال عودتي إلى طبيعتي التلقائية. اكتشفتُ أن الرومانسية ليست قراراً إدارياً، إنما هي تجربة وإحساس لم أتوافر عليهما، ولم أحظَ بفرصة للتعرف إليها، فأنا، مثل بقية قومي، لا أجيد سوى التعامل مع الرجال، ولا أحيا إلا في أجوائهم، أما المرأة، فالعلاقة بها عابرة ومتقطعة. ورغم كل المحبة، إلا أن التعبير عنها مفقود؛ فلا أرضية أسرية أو اجتماعية تمنحان الحب وهجه الإنساني والطبيعي كما هو لدى الآخرين. أعترف أنني أمضي نصف المهاتفة مع صديق في تبادل التحايا المكرورة، ثم أكاد لا أقول صباح الخير لزوجتي. ولأنني رجل جلف أنشط للخروج مع الأصدقاء، لكن الخروج معها يصبح أشبه بالذهاب إلى المدرسة في يوم شتوي دون كفاية من النوم. حين أخجل من نفسي أدعوها إلى العشاء، ثم أكتشف أن جل الوقت مضى في دردشات هاتفية مع أصدقاء، فتتبخر الرومانسية مثل سحابة صيف. في البيت يعتريني الصمت كأن اللغة مقطوعة بيننا. تعنى بأصغر تفاصيلي، بينما تمر أمامي علاماتها الكبرى دون أي ملاحظة. أنسى كل المناسبات الجميلة التي يجب الاحتفاء بها، وأعاهد نفسي أن أصحح الوضع المرة المقبلة، ثم يصدمني أنها مرت كسابقاتها. دائما تجيء رومانسيتي متعثرة وقلقة، فتصبح أقرب إلى الإهانة أو الإهمال أو أداء واجب في أحسن الأحوال، حتى تغلبني شعور أن لا فكاك من غلظتي، وأن محاولاتي بحث يائس عن سراب للرومانسية لا يمكن الوصول إليه. لا أظن أن وضعي سيتحسن، لكنني أقول لها “أحبك يا سوسو”، وسأظل أحاول شاكراً صبرك وتفهمك، ومهما تكرر الفشل، فكلي أمل أن أنجح ذات مرة، فأغتسل من جلافتي، حتى إن تحقق ذلك في شيخوخة مستكينة، تكتفي باسترجاع الذكريات وتأنيب الذات على حلم أنهكته كثرة الأردية الاجتماعية الخانقة، واحتمل خيباته حبك الصبور.