تعلمت أن لا أنتقد أحداً في أسلوب حياته أو طريقة عيشه أو طريقة تعاطيه مع أحداث الحياة، لأنني لم أعش تجربته، والظروف التي عاشها وتفاعل معها، وطرق تفكيره حولها ما جعلتاه يقرر أن يكون له وجوده الخاص، هذه القناعة أفرزها التفكير حول تجارب الناس مع الرضا، والسعادة، والفرح، والحزن، والمعاناة. ومع تعقد الحياة. لماذا تجد أناساً يتمسكون بأهدافهم النبيلة وملتزمين تجاه الناس ومواقفهم نبيلة رغم معاناتهم وضيق حالهم، إنه «المعنى»، الأسلوب الذي يعيشون به يمنحهم معنى. «يوجد شيء فقط يروعني وهو أن لا أكون جديرا بآلامي». هذه العبارة التي غيرت تفكير الطبيب النفسي «فرانكل» رائد العلاج بالمعنى، من خلال هذه العبارة ومن خلال تجربته مع السجن أثناء الحرب العالمية الثانية، ومن خلال تجارب الآخرين أدرك أن الحرية الداخلية هي التي لايمكن سلبها من الإنسان. والسعادة أن تجعل حياتك ذات معنى، فالآلام والمعاناة جزء من الحياة ويتعذر الخلاص منها. ويرى فرانكل أن الطريقة التي يواجه بها الإنسان معاناته وقدره ومحنه، تهيئ له فرصة عظيمة حتى في أحلك الظروف ومن خلالها يضيف إلى حياته معنى. ويصبح الإنسان جديراً بآلامه عندما يرفض أن يعيش دون كرامته، حياة تملؤها التضحية والمسؤولية ويتقبل آلامه من أجل مبادئ وأهداف يرى فيها وجوده وقيمته. وقد يعتقد بعضهم أن مثل هذه الحياة مثالية وليست موجودة على أرض الواقع، ولكنه رآها وتيقن منها عندما وجد أناسا تواجه الموت من أجل أهداف قد يعتقد بعضهم أنها تافهة، وبسيطة، إنها القيمة التي تجعل الإنسان يتقبل معاناته. عندها تتحقق في أناس يعيشون العظمة من خلال إخفاقاتهم ومن خلال موتهم. إذن لانحتقر مواقف وتجارب الآخرين، فما نراه هزيمة دنيوية قد يكون فوزاً لهم، ما نعتقده في أن الإمكانات والموارد والمال يحقق السعادة، قد تكون السعادة بالنسبة للآخرين موقفاً أو مبدأ. إن المعايير التي ترسمها لسعادتك ليست بالضرورة هي معايير الآخرين ولذلك يجب أن نحترم تجارب الآخرين ومواقفهم مهما كانت بسيطة، فقد يتمثل لك المعنى الحقيقي في المال، ويكون لدى الآخرين في أسرة بسيطة سعيدة، وكل إنسان جدير بآلامه ومتفهم لها ومستعد لها سوف تستمر الحياة بالنسبة له مليئة بالفرص والنجاح.