استغرق اجتماع رئيس الوزراء التونسي حمادي الجبالي، بممثلي أهم القوى والأحزاب السياسية في تونس، أربع ساعات متواصلة ليل أمس الأول، من أجل إيجاد توافق حول مبادرته بتشكيل حكومة تكنوقراط للخروج بالبلاد من الأزمة، وصرح الجبالي على أثرها للصحفيين ووسائل الإعلام بأن المشاورات ستمتد إلى يوم غد. وكان ممثلو 16 حزباً تونسياً تقاطروا مساء أمس الأول إلى دار الضيافة في قرطاج في واحد من أهم اجتماعات القوى السياسية منذ انتخابات 23 أكتوبر، في سعي واضح لإيجاد مخرج سياسي توافقي في البلاد التي لم يعد وضعها الاقتصادي والاجتماعي يحتمل مزيداً من الاحتقان والتجاذب السياسي، في ظل مخاطر حقيقية تهدد الوحدة الوطنية، خاصة بعد حادثة الاغتيال الشنيعة للمعارض اليساري البارز شكري بلعيد. وقال الجبالي أمام الصحفيين عقب جلسة المشاورات «صارت جولة من تبادل الرأي بين من هو داعم للمبادرة ومن هو ضدها ومن هو في الوسط، هناك تقدم وتطور في كل النقاط التي أثيرت، وقرّرنا أن نلتقي يوم الإثنين لمواصلة المشاورات». وأضاف «خرجنا بنتائج مشجعة، وجلوس كل الأطراف على طاولة الحوار هو شيء مهم، وجدنا فيه كثيراً من الإيجابية ومستوى راقياً من الصراحة». وأوضح الجبالي «تحدثنا مباشرة وبكل واقعية لمناقشة المبادرة التي قدمتها إلى الأحزاب والشعب، نرى أن الوقت ليس هو الأهم، الأهم هو مصلحة تونس وإيجاد مخرج وحل للأزمة»، مشيراً إلى أنه طلب من رؤساء الأحزاب الذين شاركوا في المباحثات عدم الإدلاء بأي تصريحات لوسائل الإعلام، لأن الوقت ليس «وقت مزايدات»، على حد تعبيره. وفي شأن متصل، وجّه نائب رئيس حركة النهضة عبدالفتاح مورو، انتقادات لاذعة لرئيس الحركة راشد الغنوشي، معلناً تأييده لمبادرة الجبالي للخروج من الأزمة. وأكد مورو أنه طلب من راشد الغنوشي عقد مؤتمر استثنائي للنهضة لتغيير القيادة التي تقود الحزب وتونس إلى الكارثة، لكنه رفض، مشيراً إلى أن الغنوشي حوّل النهضة إلى مسألة عائلية، وأنه يحيط نفسه بعدد من الناس ليسوا منفتحين على الواقع والحداثة، وهو ما يعدّ كارثة. وقال مورو «إننى أستنكر ما قام به النائب البرلماني من النهضة حبيب اللوز، الذي دعا إلى رحيل العلمانيين»، خلال المظاهرة أمام السفارة الفرنسية في تونس، «تونس هي للعلمانيين كذلك، وأن تكون في السلطة يفرض عليك أن تتصرف كرب أسرة». لكن عبدالفتاح مورو عاد ليصرح على موجات الإذاعة أن كثيراً من كلامه أخرج عن سياقه بعد نشر الصحيفة حديثه، موضحاً أنه قال «لا يمكن لحركة النهضة أن تبقى معارضة لأي توجّه وفاقي، ويجب أن تبادر باتخاذ مواقف وفاقية تجنّب البلاد الوقوع في أزمة مواطنة.. وراشد الغنوشي والقادة المسؤولون عن التباطؤ الحاصل اليوم، والواقع الوطني لا يمكنه الانتظار، وأطالب القيادة إما أن تتخذ موقفاً أو تتخلى وتترك المجال لمن يتخذ موقفاً لصالح الوحدة الوطنية». ومهما كان السياق والمعنى، فإن تصريحات نائب رئيس حركة النهضة تشير إلى الانقسام الحاد الذي يعيشه أكبر حزب في تونس. وفي سياق متصل، نظّم أمس أنصار حركة النهضة في العاصمة، مسيرة لم يتجاوز عدد المشاركين فيها 15000 مشارك، لحماية الشرعية، على حدّ تعبير قياديين في الحزب طالبوا أنصار الحركة بالتظاهر بشكل مكثف أمس. أحد أنصار النهضة في تظاهرة دعماً للحركة (الشرق)