أشرنا في مقال أمس إلى أن أسماءَ الألوان الأساسية في القرآن المجيد، لا تُنسب إلى أيٍّ من أسماءِ المخلوقات، وكأنما هي كائنات حية بذاتها، بينما تنسب الألوان غير الأساسية إلى أسماء المخلوقات، وضربنا لذلك مثلاً باللون الرمادي، نسبة إلى اسم الرماد، والبرتقالي نسبة إلى البرتقال، وهكذا.. بينما أسماء الألوان الخمسة (الأبيض، الأحمر، الأزرق، الأسود، الأصفر) لا نستطيع أن ننسبها إلى اسم أي مخلوق كان. ولهذه الألوان الخمسة، درجات لونية لا حصر لها، بفضل اللونين الأبيض والأسود اللذَين يُنكِرهما فنانو التصوير التشكيلي كلونين أساسين، ويسمونهما محايدَين. اليوم، نتحدث عن اللون الأخضر، وهو لونٌ (ثانوي- غير أساسي) ناتج عن مزج اللونين الأزرق والأصفر. ونلاحظ أن كلمة (أخضر) وردت في القرآن كصفة للحي الرطب، قال تعالى: « الَّذِي جَعَلَ لَكُم مِّنَ الشَّجَرِ الأخضَرِ نَاراً»، أي الشجر الرطب الحي، لأنه إذا فقد رطوبته، ويبس فلا يمكن أن نسميه أخضرا. قال تعالى: «وَسَبْعِ سُنبُلاَتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَات»، وكذا النفسُ التي لم تمت نسميها خضراء، أي أن فيها حياة، ولا نقصد أن لونها أخضر، ولذلك نلاحظ أن معظم الآيات الكريمات تذكر اللون الأخضر كأحدِ المعاني الجميلة لعنفوان الحياة. قال تعالى: «أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَتُصْبِحُ الأرْضُ مُخْضَرَّةً إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ». وللون الأخضر دلالات خاصة في الإسلام، تجعله مقدماً على باقي الألوان، وهو اللون المفضل عند النبي – صلى الله عليه و سلم – .. غير أنه ورد في آيات قليلة بما لم أبلغ سر علمه اللوني، كقوله تعالى: «عَلِيَهُمْ ثِيَابُ سُندُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ».. وهنا تنتهي المساحة قبل أن نتحدث عن الآية الكريمة، في قوله تعالى: «فَإِذَا انشَقَّتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ»، وما فيها من جمال الألوان والأضواء.