قال رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي، إن حزبه سيخرج من السلطة والحكم نهائياً إذا ما أصرّ الجبالي على حكومة كفاءات، في الوقت الذي أعلن فيه حزب التكتل من أجل العمل والحريات، أحد أضلع الائتلاف الحاكم، أنه يؤيد مبادرة رئيس الحكومة، ما يعني حسب متابعين أن الترويكا انتهت عملياً إزاء هذا الانقسام الحاد داخلها. وبجانب حزب التكتل فإن الحزب الجمهوري وحركة نداء تونس والمسار الديمقراطي الاجتماعي والتحالف الديمقراطي والاتحاد العام التونسي للشغل، بالإضافة إلى اتحاد أرباب العمل التونسيين، كلها قوى وأحزاب ومنظمات أعربت عن تأييدها ودعمها لمبادرة الجبالي، وأمام هذا الإجماع الواسع بدأت حركة النهضة تحركات ومشاورات واسعة من أجل الوصول إلى تشكيلة حكومية تجمع تركيبتها بين السياسيين والكفاءات غير المتحزبة، على ما جاء به راشد الغنوشي الذي صرح بأن «هناك مشروع حكومة سياسية سيُعرض على رئيس الحكومة للدخول معه في حوار من أجل الوصول إلى تركيبة فيها سياسيون وكفاءات»، مضيفاً أن كل الوزارات ستكون محل تفاوض بما في ذلك وزارات الداخلية والخارجية والعدل والدفاع. وكان الغنوشي التقى أمس الأول سفير الولاياتالمتحدةالأمريكية في تونس جاكوب والس، وبحسب الموقع الرسمي لحركة النهضة، فإن اللقاء تمحور حول اهتمام الولاياتالمتحدة بالثورة التونسية ودعمها التجربة الانتقالية فيها. إلا أن مراقبين يقولون بأن النهضة تحاول قراءة مواقف القوى والدول الخارجية إزاء الأزمة في البلاد من أجل الخروج بحكومة تكون محل احترام وتقدير من الخارج، خاصة وأن الغنوشي التقى في نفس اليوم كلاً من سفير ألمانيا وممثل الاتحاد الأوروبي في تونس. مجلس حكماء وشكّل حمادي الجبالي أمس الأول مجلس حكماء يضم 16 شخصية وطنية لتقدير الوضع الحالي للبلاد، وتقديم المقترحات التي تكفل الخروج من الأزمة القائمة بحسب ما أعلن وزير الثقافة التونسي المهدي مبروك. ويضم هذا المجلس رجال سياسة كباراً ورجال أدب وصحافة وخبراء في القانون مثل مصطفى الفيلالي وأحمد المستيري وعياض بن عاشور وقيس سعيد وصلاح الدين الجورشي وعبدالفتاح مورو وهشام جعيط وأبويعرب المرزوقي. وأكد وزير الثقافة في تصريح صحفي عقب اجتماع المجلس في دار الضيافة في قرطاج، تأييد هذه الشخصيات لمقترح الجبالي تشكيل حكومة كفاءات غير حزبية، ووفق الشروط الأربعة التي وضعها الجبالي، وهي أن لا يكون الوزراء ممن خدموا مع النظام السابق، وأن يتعهدوا بعدم الترشح للانتخابات القادمة، وأن لا يكونوا منتمين لأي حزب، وأن يكونوا كفاءات في مجالاتهم. من جهتها، انتقدت الجبهة الشعبية، وهي التحالف الذي يضم أحزاباً يسارية وقومية، التي كان شكري بلعيد قيادياً فيها- مبادرة الجبالي، ودعت إلى مؤتمر وطني للإنقاذ، وذلك في ندوة صحفية عقدها أمس الناطق الرسمي باسم الجبهة حمة الهمامي. رفض أسلوب الجبالي وصرح حمة الهمامي ل«الشرق» بأن التهديدات بالتصفية والقتل مازالت تصل إلى رفاق شكري بلعيد، منتقداً عدم تقديم حمادي الجبالي مقترحاً حول وقف الاغتيالات والتصدي للعنف السياسي. وقال الهمامي إن الحكومة والترويكا هي وحدها من تتحمل مسؤولية الفشل والأزمة السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي وصلت إليها تونس، معرباً عن رفضه أسلوب الجبالي في إعلان مبادرته، الذي قال إنه «أسلوب فوقي». كما انتقد الهمامي مضمون مبادرة الجبالي متسائلاً «ما هو برنامج هذه الحكومة التي يريد الجبالي تشكيلها؟ ما هو برنامجها السياسي للتصدي للعنف والاغتيالات، وهل ينوي حل رابطات حماية السلطة والميليشيات؟ هل ينوي وقف التحريض على العنف في المساجد من قِبل أقلية من رجال الدين؟». وقدم الناطق باسم الجبهة الشعبية مبادرة الجبهة قائلاً «نحن نقترح مؤتمراً وطنياً للإنقاذ بمشاركة القوى السياسية والمدنية الفاعلة، تناقش فيه أسباب هذه الأزمة وتضع برنامجاً لتجاوزها، ومن الضروري أن يشمل عناوين محددة من أهمها أجندة واضحة لما تبقى من هذه المرحلة الانتقالية مثل تحديد موعد نهائي لكتابة الدستور ووضع قانون انتخابي وفتح ملف الشهداء والجرحى ووضع قانون العدالة الانتقالية وتفعيل الهيئات التعديلية وتحديد تاريخ واضح للانتخابات ووضع آليات لمواجهة الفساد المالي والسياسي».