ترتبط وزارة التربية والتعليم برباط وثيق بالأسرة؛ لارتباطها بفلذات أكبادها – بنين وبنات – شاءت الأسرة أم أبت، فهي الوزارة الوحيدة المعنية بتنفيذ السياسة العامة للتربية، بل هي الوزارة التي تتدخل في استثمار الأسرة الحقيقي في أكبادها التي تمشي على الأرض – دون معارضة من الأسرة أو اعتراض أو مشاركة في رأي أو تبادل مشورة – إذ تتعهدهم بمستويات مختلفة بدءاً من الروضة، ومروراً بالمراحل التعليمية الثلاث، التي تمهد آخرها للمرحلة الجامعية التي يعلق عليها المجتمع مستقبله وأمله! كانت وزارة المعارف – من وجهة نظري – تعرف أهدافها بشكل أفضل مما هي عليه اليوم بعد أن تغير اسمها إلى وزارة التربية والتعليم التي يسميها البعض: (وزارة التربية والتعاميم)؛ لإسرافها في استخدامها بشكل مفرط تسبب في استياء العاملين في الميدان التربوي، وضاقت به صدورهم، ومن طرائف تلك التعاميم التي أرسلتها الوزارة مؤخراً – كما ذكر أحد مديري المدارس المثقلين بأعباء كبيرة تنوء بها كواهلهم – تعميم عن منع تصدير الأغنام إلى الخارج، فهل يريد المسؤولون فيها أن يقف المعلمون والمعلمات على المنافذ؛ للقيام بمهمة هي من اختصاصات وزارة الزراعة ومصلحة الجمارك؟ لماذا يكره أبناؤنا – صغاراً وكباراً – المدرسة؟ سؤال كتبه الدكتور صالح بن سبعان في حسابه على فيس بوك، وذكر أنه يؤرقه، وكان يرجو الإجابة عنه، وأجزم بأنه سؤال ليس جديداً، ولكنه لا يزال سؤالاً مؤرقاً – كما قال – فوزارة التربية والتعليم لم تشغل بالها – يوماً من الأيام – بالبحث عن أسبابه من خلال دراسة حقيقية وجادة، ولم تسأل الطلاب والطالبات عن الأمور التي يرغبونها أو التي لا يرغبونها، ولم تسألهم عما يتمنون أن تحويه مدارسهم من خدمات ومرافق، ولم تسألهم عن الصعوبات التي تعترضهم أو أساليب التدريس المناسبة لهم! إن وزارة التربية والتعليم تسعى لراحتنا جميعاً أسراً، وطلاباً، وطالبات، ومعلمين ومعلمات، فهي تقوم نيابة عنا بالتفكير، وتحرص على ألا ترهقنا بعناء البحث عما يناسب أبناءنا وبناتنا، فهي تعرف ما يصلح لنا ولهم وتتنبأ بما لا يصلح؛ لأن جهابذتها ومخططيها يعرفون أن التشويق عنصر مهم من عناصر العملية التعليمية، فحققوه لنا بمفاجآت عديدة بعضها لا يخطر على بال، لقد اعتادوا على هذه المفاجآت في سباق محموم على طرح أفكارهم العجيبة، وتبنيها دون تروٍ أو معرفة بالواقع الذي تعيشه المدارس من قصور في التجهيزات، ومشكلات في المباني والصيانة، فبعض هؤلاء المنظرين والمخططين مصابون بداء سلس الأفكار، ولا يبرحون مكاتبهم إلا في رحلاتهم إلى خارج الوطن لحضور المؤتمرات والندوات، وهم لا يتلقون الأفكار من الميدان الحقيقي، حيث تنشأ الأفكار الحقيقية النابعة من الواقع المعاش بشكل يومي، ولم يشجعوا العاملين فيه على المشاركة أو الاهتمام بما يصل الوزارة من أفكار المبادرين، ولكن الوزارة اعتادت توجيه التعاميم بشكل يومي وغالبها يخلو من أساليب الإقناع، بل هناك مَنْ يقول إنها تتضمن عبارات تحذير وتهديد ووعيد، ومن آخر مفاجآتها التي لن تنتهي تعميم الفسحتين التي لم تنل رضا أغلب العاملين في المدارس ولا قبول أولياء أمورهم، ولم يتم تطبيقها في كثير من المدارس بنين وبنات بشكل حقيقي – لعدم القناعة بها – وهناك مَنْ طبقها، ثم عدل عن التطبيق، وعاد للوضع السابق، حيث أسهمت في إيجاد فوضى، وهدر للوقت، وضياع للحصص، ومعاناة للمعلمين والمعلمات في مدارس يفتقر كثير منها لأبسط وسائل الترفيه أو أماكن الجلوس المناسبة في الفسحتين، فكم مدرسة تحتوي مكتبة منظمة؟ وكم مدرسة فيها صالة مغلقة أو مسرح أو حديقة؟ وكم مدرسة فيها ملاعب كافية أو ساحات مجهزة بوسائل الراحة والجذب؟ وكم مدرسة فيها دورات مياه نظيفة وكافية؟ وكم مدرسة لا تزال مستأجرة بين مدارس الوزارة التي أخلفت وعودها المتكررة بالتخلص منها؟ منذ سنوات اقترح أحد الأصدقاء إجازة الأسبوع في منتصف كل فصل دراسي، لكن سوء التطبيق، وغياب دور الوزارة جعله أسبوعين وأكثر بسبب الغياب قبله وبعده – وهو أمر لا يمكن إنكاره – كما هو الحال قبل الاختبارات وبعدها، والتأخر في العودة التي قد تمتد لأسبوع كامل أو أكثر! وقفة: صرح مسؤول تربوي في المنطقة الشرقية بأن قرار الفسحتين جديد، وتم العمل به منذ بداية السنة الحالية، وهو قابل للدراسة والتقييم آخر العام مثل أي قرار يصدر في بدايته، وأن الوزارة يهمها في المقام الأول إصدار قرارات تخدم الصالح العام، وفي حال ثبوت عدم جدوى القرار ستتم دراسته ومن ثم إلغاؤه أو تعديله.