في خضم موجة «الأجانب أكلوا خير البلد» التي أطلقناها على التردد العالي، ألم نفكر للحظة لماذا نحن تعفّفنا عن أكل خير البلد؟! وبأي حقٍ نُظهر من قدِموا إلى بلدنا محترمين قوانينه وشرعيته ليكدحوا وينفعوا وينتفعوا من موارد الرزق -المُهدرةِ بتعففنا- على أنهم كائناتٌ مُتسلقة لا تستحق ما اكتسبته من تعبها وعرق جبينها؟! فكروا معي للحظة.. من كان سيرفع البنايات التي نقطنها ونعمل تحت سقفها؟ ومن كان سيُصلح أعطال السباكة والكهرباء في بيوتنا؟ وكيف كنا سنستمتع بلذيذ جرة الفول والتميس والشاورما؟ ومن كان سيخيط ثيابنا؟ وقبل كل ذلك من كان سيعلم آباءنا وأمهاتنا ليعلمونا ونعلم بدورنا أبناءنا لولا إنعام الله علينا بوجودهم وجهودهم؟! فعلامَ ضيق العين والنفس على أناس عاشوا بيننا إخوة وجيراناً باذلين قمة عطائهم في بلدنا.. ولماذا نظن أنهم بعملهم بيننا قد انتقصوا من رزقنا بينما رزق الله وفير ولن يردنا عنه إلا كف أيدينا عن العملِ القنوع.. وطننا وجهة المسلمين والعالم أجمع، وهو وطن معطاء إلا لمن رَغِب عن عطائه.. ولا ضير أبداً في تواضع العمل مادام شرفه سيزيدنا رفعة.. والله سبحانه وتعالى مسبغٌ نعمه على عمومِ عباده، ولن يُنقِص رزق قومٍ من رزق قومٍ آخرين.. أما نحن فمن باب أولى أن نحتفظ بعالي موجاتنا لتردد هممنا!!