إن نصف انتصار ونصف هزيمة لأعدائنا خير من جعل بحار الدم تغرقنا وإياهم، ويبقى السؤال: هل نستطيع تحقيق انتصار كامل؟ وبأي ثمن سنحقق هذا الانتصار؟ ولماذا لا نقبل بما استطعنا إليه سبيلاً ونترك للأجيال القادمة أن تلعب دورها وتستفيد ربما من ظروف موضوعية أفضل من ظروفنا لتحقيق مزيد؟ المعارضة السورية مطالبة اليوم بفحص دقيق للواقع الإقليمي والدولي الذي يحيط بها وبأسلوب علمي شجاع.. والمقصود بالفحص الدقيق هو تقييم الأمور استناداً للوقائع وليس التصريحات، استناداً لحركة الأمور على الأرض عسكرياً وشعبياً وبمنطق حرص أمّ الصبي على ولدها، وبعقلية فهم أن الدماء التي تسيل كلها من خزان واحد هو الشعب السوري بما فيه من عقلاء وجهلة، وبما فيه من أذكياء وأغبياء، وبما فيه من متحمسين ومتهورين، وبما فيه من خاسرين ورابحين، وبما فيه من معتقلين وأحرار، وبما فيه من سكان الفنادق وسكان الخنادق. وبما فيه من لاعبين لحسابات طائفية ترتبط بالخارج ومن يدفع ثمن هذه الحسابات. العاقل النبيه الصابر المتفكر هو من يسعى مع عدوه إلى هدنة وفسحة وتسوية إذا وجد أن استمرار المعركة ليس في صالحه أو صالح بلده، ومن قال إن في داخل النظام السوري ليس ثمة عقلاء أيضاً وشرفاء وحريصون، إلى جانب المتكبرين والمجرمين والمرتبطين والأنذال الذين لابد من إسقاطهم من معادلة الصراع على الوطن سواء كانوا في صفوف الموالاة أو المعارضة.ِ