هاج القائد قائلاً: – لقد استعان النجم بنا لكي نعيدك لمداره. تساءل الكوكب الصغير: – وهل تعملون له؟! تضاحكت النيازك وردت بصوت واحد: – نحن جنوده، نحن الشرطة التي تحميه. ابتلع الكوكب الصغير ريقه ثم سأل القائد: – إذاً ستحرقونني؟! – أجل، لتكون عبرة لغيرك. فكّر الكوكب الصغير في حيلة ليهرب بها من النيازك، وتذكر أنه كروي الشكل بينما النيازك صخور فضائية مفلطحة. ولذلك انطلق بسرعة متدحرجاً. صاح القائد بجنوده النيازك: – اتبعوا هذا الخائن.. فلحقوه بأقصى سرعتهم، لكن الكوكب الصغير كان يغير اتجاهه بفضل شكله الكروي. أما النيازك فإنها تضطر إلى الوقوف أولاً ثم تغير اتجاهها، لذلك لم تستطع اللحاق به، فاختفى الكوكب الصغير في الفضاء الواسع المظلم. عادت النيازك إلى القائد مطأطئة رؤوسَها، فصرخ بهم: – أين هو؟! – لقد توّهنا، إنه يتدحرج بشكل سحري ولم نستطع الإمساك به؛ لأننا مفلطحون يا سيدي القائد، وكان صعباً علينا أن نتحرك مثله.. ضرب القائد بيده على وجهه. – يا ويلنا من النجم ماذا سنقول له؟! فكّر القائد طويلاً ثم قال: – لقد استطاع هذا الكوكب الصغير أن يهزمني أنا وجنودي ولن تكون لي ولكم حياة بعد هذا العار. سأله أحد الجنود: – ماذا تقصد يا سيدي القائد؟! فأجاب بصوت حزين: – سنسقط جميعاً إلى الأرض.. أجل سنسقط، لم يعد لنا مكان في هذا الفضاء بعد هذه الهزيمة.. وواحداً بعد واحد، تساقطت النيازك إلى الأرض، إلى أن وصل الدور إلى القائد الذي كانت عيناه مبللتين بدموع الخزي والفشل.. ومن مسافة بعيدة، كان الكوكب الصغير يراقب ما يحدث بسعادة وفرح. – لقد تخلصت الآن من شرطة النجم. وشدّ على قبضته بتحدٍ قائلاً. – أما أنت أيها النجم، فلي معك ومع غيرك من النجوم شأن آخر. صار الكوكب الصغير يسافر في الفضاء من مدار إلى مدار يروي قصته للكواكب الصغيرة التي تكره مداراتها.. ومن كل مدار، كان الكوكب الصغير يُقنع كوكباً أو كوكبين إلى أن صار له جيش من الكواكب.. ولأن الكوكب الصغير يحب الحرية ويكره العبودية، فلقد قال لأصدقائه: – أنا لا أريد أن أكون قائداً لكم، ولا أريد أن أوجه لكم الأوامر، أنتم الآن أحرار، فانتشروا كما تشاؤون في أي بقعة تحبونها في هذا الفضاء الجميل..