من حقنا أن نطالب وزير الزراعة الحالي بعد عشر سنوات من تعيينه مناصراً للمزارعين والصيادين والعاملين في القطاع الحيواني بالكشف عن إنجازاته وما حققته وزارته التي أنشئت عام 1344 بعد كل تلك السنوات. ومن حقنا أيضا كمواطنين معنيين بخدمات وزارته والمستفيدين منها أن نتساءل عن أسباب تعثر (الزراعة) في سياساتها، ووقوفها عاجزة عن تقديم أي حلول حول شح الثروة الحيوانية وارتفاع أسعار الأغنام والدجاج والمواشي والأعلاف، من حقنا على ذلك الوزير أن نستفسر عن معرفته بهموم الصيادين وما قامت به وزارته الموقرة في ذلك الشأن، وعن جهودها حول مشكلة نقص الأطباء البيطريين والأدوية واللقاحات. من حقنا أن نتساءل ببراءة وبغير براءة عن أسباب إخفاق وزارته في الحد من ارتفاع أسعار اللحوم البيضاء والحمراء وأن لا نكتفي برده (الساخر) عندما أحال سبب ذلك الارتفاع إلى تبذير المواطن! ليس ذلك فحسب بل علينا أن نستوضح منه وهو الوزير العاشر في تلك الوزارة والأطول عمراً في إدارتها بعد أن عجز مجلس شورانا عن القيام بدوره بدلاً منا عن أساب تسرب الكوادر الفنية من وزارته، وخروج عديد من التجار من السوق الزراعي والحيواني بسبب الشروط التعجيزية التي تشترطها (الزراعة) في عهده الميمون، وعن عدم وقوف وزارته التي أنشئت قبل ما يربو على 50 عاماً مع مصدري التمور لحل مشكلة التصدير وسن أنظمة وقوانين لحماية المزارع السعودي والمنتجات الزراعية والحيوانية الوطنية مقابل المحاصيل الأجنبية. من حقنا على معالي الوزير أن نتساءل عن أسباب تغييب وزارته لمشروع الجمعيات التعاونية الزراعية وعدم إيجاد الحلول لمشكلة منسوب المياه في بعض المناطق الزراعية، وعدم الجدية في القضاء على الآفات وفي مقدمتها السوسة الحمراء، إضافة إلى عدم المساهمة الجادة في دعم قطاع الثروة السمكية، وتطوير برامج التوعية والإرشاد للمستفيدين من خدمات وزارته. وزارة الزراعة يقول وزيرها: لا تنقصنا اليوم موارد مالية.. بل ينقصنا العمل من ذاتنا والقصور في أنفسنا، هذه العبارة نكررها كذلك على مسامعه بعد هذه السنوات العشر، فوزارة الزراعة بميزانيتها التي تقترب من العشرين مليار ريال لا تكمن مشكلتها في الموارد المالية، بل في التخطيط المبني على تلمس الاحتياجات الحقيقية للمستهدفين وعدم وجود استراتيجية حقيقية للتنمية الزراعية وظهورها على أرض الواقع بالرغم من تأكيدات الوزير ذاته أن وزارته وقعت في 9 صفر 1421 مع معهد الملك عبدالله للبحوث والدراسات الاستشارية بجامعة الملك سعود اتفاقية هدفت إلى إعداد خطة مستقبلية للزراعة في المملكة. قد يكون تخصص الوزير الحالي (هندسة مدنية) شكل عائقاً في تفهم دور الزراعة في حياة الإنسان والدول -أقول ربما- ولكن بعد تلك السنوات التي قضاها بين ملفات وهموم العمل الزراعي فلا عذر له في النهوض بالقطاع الزراعي خاصة وأن الوزارة بلا شك يقطنها المتخصصون والاستشاريون وأصحاب الخبرة في ذلك المجال، خاصة وهو القائل في أحد لقاءاته مع مديري الإدارات الجدد: إنه يجب الاطلاع على الأنظمة ومعرفتها جيداً، لأن عدم المعرفة بها يدمر الإدارة. إن وجود وزارة تصرف لها هذه الميزانية المليارية ولا نرى أثراً ميدانياً حقيقياً لها بالرغم من أن عديداً من قرانا خاصة في الجنوب والحجاز والشرقية كانت تعتمد على الزراعة في أكلها ودخلها واكتفائها الذاتي قبل أعوام مضت وقبل أن يهجر المزارعون مزارعهم بسبب عدم التوعية وإيجاد آليات للتوطين الزراعي من قبل الجهة المختصة رغم سخاء الدولة على ذلك القطاع، يحتاج إلى إعادة نظر سواء بإلغاء تلك الوزارة والاكتفاء بإنشاء هيئة أو لجنة عليا مستقلة تقوم بالمهام الحالية سواء بمنع المنتجات المستوردة الضارة وإقرار العقوبات على معنفي الحيوانات وإقامة المهرجانات والندوات والفعاليات في الفنادق الفاخرة. للأسف الشديد إن وزارة الزراعة التي تحولت خلال السنوات الماضية إلى متعهد للوكالات التجارية المستوردة مازالت بعيدة عن القيام بدورها وواجبها تجاه أهدافها الحقيقية التي أنشئت من أجلها والتي تتمثل في تنمية وتنويع الإنتاجية الزراعية والحيوانية والسمكية إضافة إلى إجراء الأبحاث التطويرية لها وتقديم الخدمات العلاجية والوقائية للثروة الحيوانية والنباتية وتقديم الأراضي الزراعية واستصلاحها، بل لا أبالغ إن قلت إن كل ما هو موجود على أرض الواقع من إنتاج زراعي وحيواني محلي ما هو إلا جهود شخصية واجتهادات من المواطنين ليست قائمة على خطة أو رؤية من الوزارة التي لم يخرج مسؤولوها بعد من عباءة (المياه) التي استقلت عنها منذ سنوات حيث لا يزال مسؤولو الزراعة يدافعون باستماتة ويرمون إخفاقاتهم على حجة قابلية المياه في المملكة للنضوب والتي يؤكد المختصون إنها مجرد فرضية وليست حقيقة ثابتة لا يستطع وزير الزراعة أو المياه إثباتها بالطرق البحثية الجادة، ولم يكلفوا أنفسهم لإيجاد البدائل الوطنية لمعالجة ذلك بدلاً من الهجرة إلى السودان وما جاورها وجنوبنا وشرقنا يمتلك أخصب الأراضي الزراعية.