التربية والأسرة عفاف المرء يكمنُ في «الزواج» المبني على المروءة والخلق الرفيع غازي الشمري شرع الإسلامُ الزواجَ ليعفَّ المرءُ نفسَه، ويحرزَ نصفَ دينِه، أي نصف مكارم الأخلاق. وفي الناس من قديم الزمان ضعاف الأخلاق، ضعاف الهمم، قصرت بهم عقولُهم عن فهم الحقائق، فجعلوا الزواجَ وسيلةً للغنى وقضاء الوطر، فأصرَّ أن يكون المالُ شرطاً فيمن يقبلُه زوجاً لابنته، ومنهم مَن ظنَّ أن الحياة سمعةٌ وجاه. ولاشك أنَّ ذلك عين الخطأ، فيجب أن يكون الزواجُ مبنياً على الصفات الكريمة والمعاني الجميلة والأخلاق الطيِّبَة. إنَّ الإسلامَ دينُ المروءة العالية والخُلُق الرفيع، ولذلك تجد أنَّ دينَنا الحنيفَ فيه من الأمور الجميلة التي قد يغفل عنها كثيرٌ من الناس في ظل بعض العادات والتقاليد التي لا تتناسب مع ما هو مقرَّرٌ وموجود بالشريعة الإسلامية، ولذلك نريد أن نتأمل هذا الحديث وهذا الموقف الرائع الذي يبيِّنُ لنا كمال شريعتِنا. فقد روى البخاري في صحيحه في كتاب سمَّاه: (بابُ عَرضِ الإنسانِ ابنتَه أو أختَه على أهلِ الخَير). وذكر فيه أن عمر بن الخطاب حين تأيَّمتْ حفصة بنت عمر من خنيسِ بن حذافةَ السَّهميِّ، وكان من أصحاب رسول الله، صلى الله عليه وسلَّم، فتوفِّي في المدينة، فقال عمر بن الخطاب: أتيتُ عثمانَ بنَ عفَّانَ فعرضتُ عليه حفصةَ فقال: سأنظر في أمري، فلبثت لياليَ ثم لقيني فقال: قد بدا لي ألا أتزوَّجَ يومي هَذا، فقال عمر: فلقيت أبا بكر الصديق فقلت: إن شئتَ زوجتُك حفصةَ بنتَ عمر، فصَمَتَ أبوبكرٍ فلم يرجع إلى شيء، وكنت أوجدَ عليه منِّي على عثمانَ، فلبثت لياليَ ثم خطبها رسول الله ، صلى الله عليه وسلَّم، فأنكحتُها إيَّاه). ولاشك أن مثل تلك المبادرات لها إيجابيَّاتٌ عديدة، أهمها أنَّ في هذه الطريقة ضماناً لزواج الصالحين بالصالحات، وقلة الخلافات الأسرية والمشاكل الاجتماعية، وإنشاء جيل صالح وعابد لله، جلَّ وعلا، إلى غير ذلك من الفوائد الاجتماعيَّة. تجربتي طبيبة.. ولم أرتبط حتى الآن! أنا طبيبة أبلغ من العمر ما يقارب سبعاً وعشرين سنة. لم أرتبط إلى الآن، وصرتُ أخشى على نفسي من الفتنة في ظل ما نراه ونعايشه في أيَّامِنا هذه. ونظراً لأنَّ عدد الذين يتقدمون لخطبتي قليل؛ «بحكم كوني طبيبة وأدرس الماجستير أيضاً»، ونظراً لأني لم أجد مِن بين هذا العدد القليل مَن أرضى خلقَه ودينَه.. لهذه الأسباب انضممت لأحد مواقع الزواج على «النت»، وهذا الموقع فيه رقابة شديدة وصارمة، ولا يسمحون بالتواصل بين الرجل والمرأة إلا بشروط وقيود ورسوم…. إلخ. المهم.. يتقدَّمُ لي من خلال هذا الموقع شباب أحسبُهم على خير، وأظنهم مناسبين جداً.. ولكن هناك مشكلة واحدة، وهي أنهم مقيمون بمحافظة غير محافظتي، بل ومنهم مَن يعملُ خارجَ بلدي ويريد أن يأخذَ زوجتَه معه. أنا الآن في حيرة من أمري، فأنا أعلم جيداً أن أمي تريدني بجانبها، فأنا ابنتها الوحيدة، فهي لاتكاد تطيق فراقي، فهي تشعر دائماً أني مؤنستها، وتتأذى إذا ما أتاني من يريد أخذي بعيداً عن محافظتي، فهي تريدني أن أبقى في نفس المحافظة بجوارها.. ولكن إلى متى؟ صار عمري سبعة وعشرين عاماً، وصرت أخشى على نفسي والله.. توجهت إلى ربي بقيام الليل والإخلاص في الدعاء. والحمد لله جاء مَن يطلب يدي وهو مِن الأقارب، وقد وجدته ملتزماً ومخلصاً وطيباً وكريماً. مستشارك مصائب كثيرة * السؤال الأول: أنا متزوج ومرَّت بي كثيرٌ من المصائب، فزوجتي، وبعد عدة مشكلات مع أهلها، طلَّقْتُها، وتزوَّجْتُ بإحدى قريباتي التي بعد زواجي منها اكتشفت أنها سيئة الخُلُق، وأنها دميمة، لي رغبة في الزواج مرة ثانية، وإرجاع زوجتي الأولى، أرشدوني مأجورين. -الجواب: لاشك أن ما مررت به من مصائب قد أثَّر على نفسيَّتِك، وبالتالي على سلوكِك أيضاً، ومن هذا الأثر ما ظهر مع أهل زوجتك الأولى، ممَّا استدعى الأمر إلى انفصالكما بطلاقِها، وعلى الرغم من أن كلَّ واحد منكما كان في أمسِّ الحاجة إلى الآخر، فكما أنت تعاني هي أيضاً تعاني أشدَّ منك، ولكنك تخليت عنها ولم تستطع تحمُّل الضغوط من حولك، فكنت – مع الأسف – سلبياً وخيَّبت أملَها. وبما أنك ترغب في إرجاع زوجتك الأولى، تذكَّر أخي أنك قد فكَّرت في نفسك ولم تفكر في زوجتِك الحالية وما لها مِن حقوق، أنت ترى العيبَ فيها بأنها ليست على قدْرٍ من الجمال الذي تريده أنت، فما ذنبُها في أنها لم تتوافق مع معايير الجمال لديك التي تبدَّلت وتغيَّرت بعد الزواج؟!، أتهتمُّ بالجمال الظاهر فقط وتتغافل عن جمالها الداخلي من حب صادق لك وبحث عن رضاك؟!، بل وانتقل حبها هذا لأهلها الذين يحبونك أيضاً ويقدرونك. أخي الكريم، اتقِّ الله في نفسِك أولاً، ثم في هذه الزَّوجَة الصالحة، يقول الله عز وجل: «فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيّاً كَبِيراً»، وقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم-: «لا يَفْرِكْ مؤمنٌ مؤمنةً إِنْ كَرِهَ منها خُلقاً رَضِيَ منها آخَر» أي إن بغض أحدكم صفةً في زوجته فليبحث عن صفةٍ أخرى جميلة، وسوف يجدها، وذلك لتسيير عجلة الحياة الزوجية. لا تكن من الأزواج الذين يتَّصِفونَ بالأنانية في طلب السعادة لنفسه دون أن يفكِّرَ في رفيقة عمره، متناسياً أن في العطاء سعادةً لا تقلُّ عن الأخذ. ولا تنسَ قول المصطفى، صلى الله عليه وسلم، «لا يؤمنُ أحدُكم حتَّى يُحِبَّ لأخيه مَا يُحِبُّ لِنفْسِهِ». تزوَّجَ عليَّ زوجي * السؤال الثاني: أنا سيدة عمري ثمانٍ وأربعون سنة، متزوجة منذ اثنين وعشرين عاماً، تزوَّج زوجي من بنتٍ عمرُها ستة عشر عاماً، وأسكنها معي في البيت.. ويفرض عليَّ الأكلَ معها، وتحمُّلَ مشاهدتِها معه.. يخرج معها بعد كل فترة إلى مطعم بحجَّة أنني موظفة وأخرج لزيارة أقاربي وصديقاتي.. ولا يتحمَّلُ غَيرتي.. كيف أتعوَّدُ على الصبر وعدم الغَيْرَة؟ -الجواب: أختي السائلة الكريمة، أعانك الله وأصلح لكِ زوجَك. إن مما لا شك فيه أن المرأة فُطِرَت على الغَيرة على زوجها، والحمد الله أنه لم يكن فيه محظور شرعي إذا لم تتعدَّ المرأة وتخالف الشرع، فقد كان نساء النبي -رضي الله عنهن- يغَرنَ من بعضِهن البعض، وقد اشتهرت السيدة عائشة -رضي الله عنها- بذلك، وكانت من أشد نساء النبي، صلى الله عليه وسلم، غَيرةً عليه. وقد حدث يوماً أن استيقظت فلم تجده بجوارها. وثارت الشكوك في نفسها، فربما يكون قد ذهب لواحدة من زوجاته. فغادرت دارها لتبحث عنه وقادتها قدماها إلي البقيع. وفوجئت به هناك.! وقد شعر النبي -عليه أفضل الصلاة والسلام- بها، ولم يلمْهَا ولم يوبِّخْهَا، وقد قال في إحدى المرات قولته المشهورة: غارت أمُّكم. فالأمر يحتاج منك إلى مجاهدة وصبر لتخطِّي كثير من الصعوبات والمعوِّقات. أما بالنسبة للسكن؛ فلك الحق في السكن المستقل إذا كان مقتدراً، أو أن يقسم البيتَ بينكما، ولا يصحُّ الجمع بين الزوجات إلا برضاهنَّ، مع الاستقلال في الخدمات. وهذان شرطان لصحة الجمع: الرضا والاستقلال. وعليك أن تبيني لزوجك أن هذا الجمع يسبب كثيراً من المشاكل والخلافات التي قد تمتدُّ لتصل إلى الأبناء، ناقشيه في الموضوع بأسلوب فيه اللين واللطف، وتحيَّني الأوقات التي يكون فيها هادئاً. وإذا لم تُجيدي ذلك حاولي البحث عمن يناصحه ويكلمه ممن تعتقدين أنه قد يسمع منه ويأخذ بكلامِه ونُصحِه، وفقَّكِ الله لما يحبُّه ويرضاه. زوجي بخيلٌ جداً * السؤال الثالث: زوجي بخيلٌ بصورة غريبة جداً، فما الحل؟ -الجواب: في إحدى المشكلات الزوجية، ادَّعت إحدى الزوجات أنَّ زوجَها بخيل، ولا يقوم بواجبه نحو مصاريف المنزل حقَّ القيام، ولا يعطيها ما يكفيها من المال الذي تحتاجه.. وبسؤال الزوج ومناقشته، تبيَّن أن الزوجة من أسرة ذات مستوى اقتصادي عالٍ نسبياً عن أسرة الزوج، وأنها كانت قد تعودت في حياتها قبل الزواج على طريقة معيَّنة في العيش والمصاريف، ودخْلُ زوجها لا يكفي لسد احتياجاتها، وهذا ما دعاها لوصفه بالبخل والتقتير. هنا قد نلقي باللوم أولاً على الزوج الذي لم يراعِ عنصرَ الكفاءة في اختيار الزوجة، فظنَّ أنَّها تستطيع أن تتعوَّد على ظروفه، وعلى طريقة عيشه الجديدة بسهولة.. ولكن هيهات.. فكيف بمَن عاشت سنين طويلة بطريقة معينة أن يغيِّرَها الزوج بين يوم وليلة، أو بين سنة وأخرى، إلا من وفقها الله للخير؟.. والخلاصة التي يتوصل إليها كل عاقل أنَّ هذا الزوج ليس بخيلاً، ولكن زوجته لا تتحمَّلُ ظروفَه، لذلك تنعتُه بالبخل لقِصَر ذات اليد، فتمَّ نصح الزوجة بالصبر والتعود على طريقة العيش، وعلى تغير ظروف حياتها، فإن الزواج في بدايته صعب، والتعود على طريقة العيش الجديدة يحتاج إلى صبر، ولن تستمر الحال هكذا، إن الله جاعلٌ لما ترى فرجاً إن شاء الله، وإنَّ مع العسر يُسراً. فعليك أيتها الزوجة المؤمنة بالقناعة؛ فإنها كنزٌ لا يفنى، واعلمي أن الغنى غنى النفس، ولا تتطلَّعِي إلى غيرك في أمور الدنيا؛ فإنها سرعان ما تزول، وتأكدي أنك تستطيعين أن تتأقلمي مع هذه الحياة الجديدة، وعليك بحسن التدبير والشكر لله تعالى { لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ} فشكر الله تعالى يزيد مِن نعم الله عليك إن شاء الله. أمَّا إذا كان الزوج قد رزقه الله رزقاً واسعاً فلا يبخلْ على أهلِه. فالزوج الذي يبخل على أهله مما آتاه الله ولا ينفق عليهم نفقة بالمعروف، فإنه يضيع حقهم، وقد قال عليه الصلاة والسلام محذراً من مغبة هذا الأمر: «كَفَى بِالمَرْءِ إِثماً أنْ يُضَيِّعَ مَن يَقُوت). زوجي خجول * السؤال الرابع: زوجي خجولٌ جداً، ولا يثق بنفسه؛ فمثلاً ينزعج عندما يمر أمام الجيران، ولا يجرؤ أن يسلِّم عليهم، ولا يجرؤ أن يسأل إذا أراد أية معلومة. وهذا العيب يجعلني غير فخورة به؛ لأنني أشعر أنني متزوجة من رجل لا أستطيع أن أعتمد عليه، وبدأت أبتعد عنه. ولا أدري هل تصرفي هذا أمر طبيعي أم لا؟ - الجواب: أختي الكريمة: إن الخجل يعود لثلاثة أسباب، وهي: الوراثة، وفقدان المهارات الاجتماعية، والنظرة السلبية للنفس والذات. إنَّ الخجل الشديد كمفهوم من الصعب جداً تحديده، ولكن يمكن وصفه بأنه نوع من أنواع القلق الاجتماعي الذي يؤدي إلى حدوث مشاعر متنوعة تتراوح بين القلق والتوتر البسيط إلى مشاعر رعب وهلع واضحة، تصنف في علم النفس تحت إطار أمراض القلق والتوتر، خصوصاً وأن النهاية الطبيعية للخجل الشديد هي الشعور بالوحدة والانعزال عن المجتمع، وكلاهما من أهم أسباب وربما نتائج مرض الاكتئاب، وهذا معناه بأن المصاب بالخجل الشديد سوف تتطوَّر صحتُه النفسيَّة للأسوأ. الخجل الشديد حالياً مشكلة اجتماعية منتشرة بشكل واسع، وبالتالي؛ فإنَّ خبراءَ علم الاجتماع ركَّزوا جهودهم على إيجاد وسائل وطرق معالجة هذه الظاهرة المرضيَّة، وهناك عيادات متخصصة تعالج مشكلات الخجل الشديد باستخدام الطرق التالية: – تعليم وتدريب الأفراد المرضى على اكتساب المهارات الاجتماعية الفردية للاتصال والتفاعل مع الآخرين. – تدريبه على تولي زمام المبادرة في مساعدة نفسه على التخلص من الخجل من خلال الإقدام على أداء شيء معين.. إما يحب أن يقوم به، أو من الضروري القيام به، ولكنه لا يفعله لأنه خجول. لم أحمل إلى الآن * السؤال الخامس: متزوجة منذ ثماني سنوات، ولم أحمل إلى الآن، وقد قمت بعمل كل الفحوصات، ولكن دون جدوى. وأخاف أن يطلقَني زوجي لهذا السبب، فماذا أفعل؟ -الجواب: تأمَّلِي معي قوله تعالى في سورة الشورى: «للهِ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثاً وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَاناً وَإِنَاثاً وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيماً إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ».. فكل عطاء منه أو منع هو بعلمه، سبحانه وتعالى، وقدرته، ومن يعلم الخير لنا وما فيه مصلحتنا نحن أم من خَلَقَنَا؟ إنَّ من تمام السعادة في هذه الدنيا هو الرضا بقضاء الله وقدره، وإن كرهته أنفسنا، والمسلم لا يُشاك بشوكة إلا ويكفِّر الله تعالى عنه بها من الذنوب الكثيرَ، ويرفع درجته في الآخرة، فما ظنكِ وأنتِ تصبرين على هذه العاطفة المتوقِّدة بداخلك ليلَ نهارَ، وما أعظم أجرك وأنتِ تحتسبين الألم عند الله تعالى، وتصبرين على ما أنعم به عليكِ. ومن تمام الرضا بقضاء الله وقدره عدم اليأس، واستفراغ الوسع في الأخذ بالأسباب. أنصح بإكمال مشوار العلاج دون كلل أو ملل. ويجب على زوجك القيام بالفحص أيضاً، ربما المشكلة من جانبه هو، واعلمي أنكِ مأجورة، إن شاء الله، عند أخذك بهذه الأسباب؛ لأن الإسلام أمرنا بالتوكل، ربي يرزقكم الذرية الصالحة. تغريدات أسرية * أسعد النساء مَن تفوزُ بقلب رجلٍ عفيفٍ نقيٍّ استجاب لأمر الله ولم يدنِّس قلبَه بخيانات محرَّمة ولم يستهلك مشاعره مع امرأة لا تحلُّ له. * أفراد عائلتك لا ذنب لهم بضغوط العمل، فحاول ألا يؤثر ذلك عليهم. * مَن يقدم لك الاهتمام والحرص والحب والنصح الصادق فلا تهملْه؛ لأن هذه النوعية من القلوب على وشك الانقراض..! فصديقك مَن صدقك.. * أسرتك هي الاستثمار الرابح.. فاسعَ لنجاحها في بنك الحب الأسري.. على ضوء الكتاب والسنَّة.