تسيدت أخبار ملتقى المثقفين الثاني، الذي نظمته وزارة الثقافة والإعلام الأسبوع المنصرم، المشهد المحلي في السعودية خلال الأيام الماضية، حتى مع أخبار إعلان الميزانية العام للبلاد. الملاحظة الأولى كانت حول الجلسات الصباحية، وعزوف المثقفين عن حضورها، الأمر الذي أثار التساؤلات، خاصة ما يدور داخل فندق الماريوت، وتذمر المحاضرين من تدني نسب الحضور، ومنهم الدكتور عبدالله العثيمين، الذي انسحب من الجلسة اعتراضاً على عدم حضور المثقفين للمناشط والفعاليات الثقافية الصباحية. ملتقى السهر وتناقل السعوديون ما تردد عن جلسات اللوبي التي كانت تمتد إلى ساعات الصباح الأولى، وبرزت في هذا الجانب تعليقات من متعثري حافز على تناقض بعض المثقفين الذين يحاربون الفساد وينسون أنفسهم، فقبلوا الدعوة للسهر والسمر دون حضور جلسات الملتقى، حتى أن مصادر بينت ل»الشرق» أن فواتير بعض الغرف تجاوزت 3700 ريال في ثلاثة أيام. محترفو الثقافة عضوان الأحمري واستغرب عضوان الأحمري، الكاتب الصحفي، تكرار الضيوف في الملتقيات الثقافية في السعودية منذ عشر سنوات، من معرض الرياض للكتاب، إلى مهرجان الجنادرية الوطني للتراث والثقافة، إلى ملتقى المثقفين، فالأسماء هي نفسها، دون تجديد، ومع تجاهل الشباب، وخصوصاً الأندية الطلابية في الجامعات، متسائلاً: هل أغلق الباب على هذه الثلة من المثقفين السعوديين؟ وأكد الأحمري ل»الشرق» أن بعض المدعوين كانوا بعيدين عن الثقافة، وكان حضورهم ل»السوالف والتسوق»، وبعضهم لم يكن يعرف مواعيد المناشط التي تقام على هامش الملتقى. فساد ثقافي وبين الأحمري أن قبول المثقف للدعوة لابد أن يقابله حضور فاعل. واستشهد بمأدبة الغداء التي أقامها وزير الثقافة والإعلام للمثقفين، والتي شهدت تواجد المدعوين كافة، وفي نهاية حفل الغداء غادرت الغالبية العظمى، وتجاهلوا محاضرة ثقافية إثر ذلك مباشرة. وأشار إلى أن بعض ضيوف الملتقى كانوا يدعون إلى مكافحة الفساد، وكان أحرى به لو وفر المبالغ التي أنفقتها وزارة الثقافة والإعلام عليه للاستفادة منها في مناشط ثقافية أخرى. حافز دوني وأوضح عبدالعزيز طراد الشمري، وهو أحد المتعثرين في برنامج حافز، أن أخبار ملتقى المثقفين كانت متنفساً خلال اليومين الماضيين «كنا نتداول أخبارهم، والتعليقات التي ترد عنهم بنوع من السخرية، بسبب تناقضهم، أو مكترثين بما يدور حولهم، وقضوا أوقاتهم في السهر، وتجاهلوا المناشط والمحاضرات الثقافية. وأبدى الشمري خوفه على المشهد الثقافي المحلي، وشدد على أن المواطنين يتداولون حالياً أسماء بعض المتطفلين على هذه المناسبات من المثقفين. طال السهر وعزا عبدالرحمن اللحيدان، عضو مجلس إدارة النادي الأدبي بحائل، وأحد المدعوين إلى ملتقى المثقفين الثاني أن سبب عدم حضور المناشط الصباحية هو السهر والاجتماعات في بهو الفندق للتعرف على بعضهم، وتبادل الأحاديث، حتى طلبات وردت إلى اللجنة المنظمة للملتقى بتأخير الفعاليات الصباحية حتى بعد الظهر، ليكون هنالك حضور أكثر. تسلية للمغردين وأوضح ناصر الهواوي، عضو مجلس إدارة النادي الأدبي في حائل، أن الملتقى استُدعي إليه ما يقارب 1500 من المثقفين الذين جاؤوا من مختلف مدن المملكة، وأقيمت فيه ما يقارب عشرون فعالية، وكان المتوقع أن نقرأ أجمل التغطيات التي ستجعلنا في قلب الحدث، لكننا مع الأسف الشديد قرأنا ما هو غير متوقع، من خلال تغريدات تويتر، وتعليقات الفيسبوك، إلى جانب ما نقل إلينا من قبل أصدقائنا الذين حضروا تلك التظاهرة، فاكتشفنا أن الواقع يختلف عما هو مأمول، فالفعاليات لم يحضرها إلا عدد قليل من المدعوين، باستثناء الافتتاح. وقال لي صديق ممن حضروا الملتقى أن عدد من حضر الفعاليات ضئيل جداً مقارنة بعدد من استُدعي وحضر، والفعالية الواحدة لا يتجاوز عدد حضورها الستين شخصاً. طريق ثالثة وأما عن أسباب عدم حضور المثقفين لمناشط الملتقى، فكان أحد الآراء يقول إن الفعاليات التي أقيمت خلال الملتقى لا تلامس احتياج المثقف، كما أنها بعيدة عن هموم المجتمع. والرأي الثاني أن نسبة كبيرة من المدعوين هم عبء على الثقافة، ولم يحضروا لهذا الملتقى من أجل الفائدة والمشاركة في الفعاليات، بل من أجل النزهة وتغيير الجو، فوجود مثل أولئك المتطفلين ضيع فرصاً كثيرة على من هم أهل لحضور مثل هذه الملتقيات. وأضاف «ندمت على الحضور إلى هذا الملتقى الذي تحول في بعض فعالياته إلى حفلات غنائية لا تمت للثقافة بصلة، وما هي إلا تقليد أعمى لنمط أجوف». عبدالرحمن اللحيدان