بعث سمو ولي العهد الأمير نايف بن عبدالعزيز -حفظه الله- رسالة واضحة للعالم وعموم المسلمين، أوضح فيها حقيقة السلفية في الإسلام وطهارتها، وبراءتها مما دخلها أو أدخل فيها من تطرف وتكفير وتشدد، وهي البعيدة عن ذلك منهجاً ومضموناً. ولعل كلمات سموه التي قال فيها «إن السلفية الحقة هي المنهج الذي يستمد أحكامه من كتاب الله تعالى وسنة رسوله (صلى الله عليه وسلم)، وهي بذلك تخرج عن كل ما ألصق بها من تهم أو تبناه بعض أدعياء اتباع المنهج السلفي» تحسم الجدال حول السلفية التي قامت عليها الدولة السعودية منذ عهد مؤسسها وحتى الآن، فالسلفية لم تدع يوماً للقتل، بل عظمت حرمة المسلم ودمه، ورفضت التكفير، وسعت للرد ولتفنيد آراء من يكفرون الناس من الفرق الإسلامية المختلفة، كما أنها ابتعدت عن التشدد والتنطع والغلو، مع التمسك بأوامر ونواهي الإسلام، متبعة هدي رسول الله (صلى الله عليه وسلم) القائم على «بشروا ولا تنفروا ويسروا ولا تعسروا». ولعل أسوأ ما أصاب السلفية في السنين الماضية كان الفهم الخطأ لها من البعض، ومهاجمتها عن غير علم من آخرين، وحديث أشخاص باسمها لتحقيق المكاسب والتعاطف، وخضوعها لتقسيمات جعلتها سلفيّة تقليديّة أو علمية أو جهادية أو تكفيرية، وغيرها الكثير من تقسيمات لم يعرفها أهل السلف، ولا قسّم السلفيون أنفسهم وفقاً لها. فالسلفية لم تصف نفسها يوماً بالتقليدية، وإلا أصبح الإسلام كله تقليدياً لا يناسب العصر، ولم تصف نفسها بالعلمية فقط مما يجعلها لا تصلح إلا للتعليم والدراسة، لكنها تعجز عن مواكبة تطورات الحياة، أما من ادعوا أنهم من أتباع ما يسمى «السلفية الجهادية» فلقد كان شيوخ السلفية هم أول من واجههم وبين انحراف أفكارهم وضلال معتقداتهم، وهو النشاط الذي سجل نجاحاً ملحوظاً، خاصة في برنامج المناصحة الذي تبنته وزارة الداخلية في المملكة، ونجح في إعادة كثير ممن أغوتهم الفئة الضالة إلى الطريق القويم، حتى أن برنامج المصالحة أصبح الأكثر نجاحاً عالمياً في هذا المجال. ولذا فلقد أصبح لزاماً على أتباع السلفية أن يتوقفوا أمام هذه الادعاءات، ويعملوا على مواجهتها لتوضيح الحقائق لمن يجهلها، ورد المغرضين على أعقابهم ومنع محاولاتهم المستمرة لتشويه المنهج السلفي القويم، الذي سيبقى نقياً سائراً على نهجه القويم، بعيداً عن التفريط أو الغلو والتطرف، وقبل ذلك ومعه تنوير بعض الذين يصدرون فتاوى، أو يشيعون أقوالاً تدعو إلى التكفير أو التطرف، ويلصقونها بالسلفية بصورة مباشرة أو غير مباشرة، فهؤلاء أخطر من موجهي الاتهامات من الخارج، لأن فتاواهم وأقوالهم تتخذ دليلاً من باب نظرة الخارج إليهم أنهم من السلفيين، وهم كذلك، ولكن فهمهم يحتاج تصحيحاً وتنويراً، وعلماؤنا وفقهاؤنا في الداخل قادرون على ذلك، والله الموفق.