منذ أن بدأت الخليقة والصراع واضح خفي بين الإنسان والآخر تارة، وبين الإنسان ذاته، إشباعاً لغريزة بقائه أساساً، وإشباعاً لسلسلة متصاعدة من الحاجات والدوافع لإشباع مجموعة غرائزه الإنسانية بدءاً من الحاجة للهواء والماء والغذاء وانتهاءً بالحاجة إلى تحقيق الذات.. فالحاجات والدوافع هي المحرك الرئيس للسلوك الإنساني كما نعرف. فكل أعمال الإنسان، منذ أن يبدأ بالحركة إلى أن يموت، لا تخرج عن عملية إشباع لإحدى غرائزه أو حاجاته، ومن هنا نقول إن السلوك هو فعل يستجيب به الكائن الحي لدافع داخلي -غريزة أو حاجة عضوية- استجابة معينة واضحة للعيان، وتكون عضلية سلوكية أو عقلية فكرية أو الاثنتين معاً. وإن كنا نعي أن لمرحلة المراهقة حاجات ودوافع يجب على القائمين بالتربية والتعليم سواء كانوا آباء مربين أو أنظمة تربوية، مراعاتها وفقاً لخصوصية كل مجتمع ووفقاً للتغيرات الديموغرافية التي يمر بها ذلك المجتمع، ففئتا المراهقين والشباب تسجل النسبة الأعظم في تركيبة المجتمع السعوي، التي تبلغ قرابة 35% من مجمل تركيبة التعداد السكاني العام، أي أن ثلث مقدرات المجتمع أو الوطن عند تلك الفئة، التي أعتقد جازماً أننا لم نستغل تلك الطاقات «المهدورة» الاستغلال الأمثل، خاصة وأننا نعرف وحتى في قوانين الطبيعة، أن كل طاقة لا تستغل في الجانب الإيجابي تحوّرت وتحوّلت تلقائياً للجانب السلبي، والحال ليس ببعيد عن طاقات الشباب المهدرة في مجتمعنا، التي تتحوّر إلى طاقات سلبية وظواهر اجتماعية شاذة وغير أصيلة عن تركيبة المجتمع السعودي، وقد تكون دخيلة تقليدية أحياناً كظاهرة البويات أو الإيمو، أو تكون مبتكرة مصنوعة بحبكة سعودية خالصة كظاهرة «الدرباوية» التي انتشرت حديثاً في مجتمع أفراد الشباب السعودي، والتي بلغ تعداد أفرادها حالياً أكثر من 140 ألف شاب، تدعو إلى تفجير الطاقات بذلك التعبير الصارخ للعنف والتدمير غير المقنن أو المقنن «لا أدري» لغاية تحقيق غريزة البقاء وتحقيق الذات وقتلاً للفراغ النفسي والمادي الذي يعيشه الشباب!!