محمد بن علي الصياح تعدّ المسؤولية مصدر إلهام للناس الذين يحبونها ولا يتخلّون عنها في شتى مجالات حياتهم، لأنها في نفس الحين مصدر قلق وهمّ وحزن لمن لا يطيقونها ولا يجيدونها ويتهربون منها. المسؤولية هي من أهم الطاقات في البشرية، فلولا كون رسولنا -صلى الله عليه وسلم- تحمّل المسؤولية في نقل الرسالة وإعلاء كلمة لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، ونقل الثقلين من الجهل إلى العلم، ومن الضلالة إلى الهداية، لما وصلنا إلى ما نحن عليه، فلله الحمد والمنّة على ما أنعم علينا بها. إن المسؤولية تبدأ من الفرد نفسه إذا كان مخلصاً لأي عمل يوكل إليه أو يناط له، فلو كان كل شخص يبادر وفيه روح المسؤول لكانت جميع الأعمال سهلة وميسرة، ابدأ أنت بالمسؤولية في بيتك مع أهلك وفي عملك وفي جميع المجالات، وابتغِ في ذلك الأجر والمثوبة من الله. عَنْ عَبْدِالله بنِ عُمَرَ -رَضِيَ الله عَنْهُما- أَنَّ النَّبِيَ -صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «((أَحَبُّ النَّاسِ إِلَى الله أَنْفَعُهُمْ لِلّنَاسِ، وَأَحَبُّ الأَعْمَالِ إِلَى الله سُرُورٌ تُدْخِلُهُ عَلَى مُسْلِمٍ أَوْ تَكْشِفُ عَنْهُ كُرْبَةً أَوْ تَقْضِيَ عَنْهُ دَيْناً أَوْ تَطْرُدُ عَنْهُ جُوعاً، وَلأَنْ أَمْشِيَ مَعَ أَخِي المُسْلِمِ فِي حَاجَةٍ أَحَبُّ إِلَىَّ مِنْ أَنْ أَعْتَكِفَ فِى هَذَا المَسْجِدِ شَهْراً)). إن المسؤولية من أسباب السعادة لصاحبها، فكل إنسان يبذل ويعطي ويساعد أهله وأصحابه وعامة الناس مستشعراً روح المسؤولية، حتماً سيشعر بالسعادة والفرح والسرور على قلبه، فإن الشخص الذي يتقاعس عن الأعمال المسداة له فإنه حتماً سيكون صفراً في المجتمع لا ذكر ولا قيمة له، وهو أيضاً سيشعر بالنقص. يقول أمير الشعراء أحمد شوقي: فاعمل لنفسك قبل موتك ذكرها فالذكر للإنسان عمر ثانِ إن بالمسؤولية تحيا الضمائر والقلوب، وابحث عن عظماء العالم فستجدهم ما أصبحوا عظماء إلا لأنهم أحسوا بالمسؤولية تجاه أنفسهم ودينهم ووطنهم والعالم بأسره. قال تعالى في محكم تنزيله ((وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ)).