النظام الذي تُطبقه حالياً الإدارة العامة للمرور والمسمى (ساهر)، لا أحد يشك في سمو الأهداف التي قادت إلى تطبيقه، ولا أحد يُنكر الإيجابيات التي تحققت من ورائه، ولكن هذا لا يعني التسليم بكل نتائجه مهما بلغت من السوء والسلبية! نعم.. النظام ساهم كثيراً في الحد من التهور في قيادة المركبات، وساهم في نشر ثقافة احترام أنظمة المرور، وساهم في إيجاد المتابعة اللصيقة للحركة المرورية في شوارعنا، وساهم في استبعاد الخطأ البشري في هذا المجال، وما إلى ذلك من الإنجازات التي نتفق جميعاً على أهميتها، بل نحن من يُطالب بها صباح مساء، ولكن الدولة -وفقها الله- في كل أنظمتها واتجاهاتها لا تهدف إلى إيقاع العقوبات على الناس بقدر ما تهدف إلى معالجة الظواهر السلبية، والارتقاء بمستوى الوعي الاجتماعي والثقافي والصحي والمروري، لبناء مجتمع مثالي متحضر في جميع المجالات. الذي يتضح الآن من أسلوب التطبيق لنظام (ساهر)، هو أن النظام مجرد وسيلة لجمع أكبر قدر من الإيرادات المالية دون الاهتمام بنشر ثقافة القيادة الصحيحة، حتى وإن كانت هذه الإيرادات تم تحصيلها مقابل مخالفات ارتكبها فعلاً قائدو المركبات، فهذا المشهد لا يُقنع أفراد المجتمع بأهمية النظام وأنه وضع لسلامتهم، خصوصاً إذا أدركنا أن الذي يدفع قيمة المخالفة في الغالب غير مرتكبها وإنما والده أو والدته! ولذلك فإنني أقترح أن يُعاد النظر في تحصيل المبالغ المالية مقابل بعض المخالفات، والاتجاه إلى إيقاع العقوبات البديلة كتحويل أصحاب مخالفات قطع الإشارة والتفحيط والقيادة المتهورة للخدمة في المستشفيات التي يكون فيها مصابو الحوادث، حتى يقفوا على ما يُعانونه من شلل رباعي أو إعاقات مختلفة، فيما يُكتفى بإرسال رسالة هاتفية لأصحاب المخالفات التي هي أقل خطورة، على أن يتم إيقاع العقوبة بعد ثلاث رسائل توعوية وتحذيرية، كذلك الاتجاه إلى المنع من القيادة، وحجز السيارة، وغير ذلك من العقوبات التي يكون أثرها واضحاً ومحدداً. أتمنى أن تجد هذه الأفكار صداها لدى المسؤولين في الإدارة العامة للمرور، وأن يكون هدفنا جميعاً هو إصلاح الوضع وتصحيح الخطأ، بعيداً عن إيقاع العقوبات دون أن يكون لها أثر في تحقيق أهدافنا المعلنة.