سألتها: ما تاريخكِ كامرأة؟ قالت: أنا الجمال: لونه أنا.. وطعمه أنا.. رائحته أنا، وأنا عيونه وجفونه.. شعره وخصره.. خدوده ويديه وأقدامه.. أنا قامة الجمال.. ومشيته وجلوسه.. حركته وسكونه.. ثباته والتفاته.. أنا فستان الجمال.. وذهبه وإكسسواراته.. أنا مشطه وأحمره وكحله.. أنا عباءة الجمال.. أنا مرآة الجمال. أنا النّساء: فتنتهن، إغراؤهن، ضحكهن وغنجهن ودلالهن.. خجلهن وجرأتهن.. حبّهن وتعلقهن وشغفهن.. أنا النّساء في إقبالهن وإدبارهن.. ضعفهن وكيدهن.. تحايلهن وسحرهن.. رغبتهن وتمنّعهن! أنا الأنوثة: جسد من لحم ودم.. جسد ليس فيه مفصل ولا عظم.. جسد تجرحه الثّياب.. جسد ما كأنّه من تراب.. أنا الأنوثة في تمدّدها وانكماشها.. في تكلّسها وانتعاشها! أنا الشّمس: تُشرق الشّمس من عيوني.. ضوؤها جزء من فتوني.. وخيوطها أسوار جنوني. أنا القمر: منازله حدود حُسني.. ونوره يأخذه منّي. أنا الّليل: أنا خيوط عباءته.. وسر حلاوته. أنا النّهار: أنا ضوؤه الّذي يكشف أسرار القلب.. وحرارته الّتي تولّد الحياة والحب! أنا الماء: هطوله وعذوبته.. خريره وشفافيّته. أنا الهواء: زفيري أُكسجين الحياة.. وشهيقي كل يراه دواه. أنا الواقع: معنى الأيّام.. وقبل الأحلام! أنا الأحلام: اسمها ورسمها.. قربها وبعدها.. إمكانيّتها واستحالتها! أنا الكلام: لُغة وكلمات وحروف! أنا الصّمت: بضعفه وقسوته.. بجبروته وهيبته! أنا الكتابة: حبرها ودموعها.. وقتها وأوراقها! أنا الرسائل: بقداستها وشوقها.. تفاصيلها وفواصلها.. استفهامها وتعجّبها.. أقواسها ونقاطها! أنا الشّعر: بأنينه وحنينه.. وعقله وجنونه! أنا الغناء: بآهاته وتهويماته.. بمواويله وسلطنته! أنا الثّقافة: كتبها وصحفها ومعارضها.. وتغريداتها! أنا الحب: نبضاته وشهقاته ورعشاته.. برده وحرّه.. خوفه وأمنه.. انتظاره ووصاله.. غيابه وحضوره.. همساته وتمتماته. أنا العطر: إلهامه وصخبه.. تكوينه ونفاذيّته.. أصله وفصله! أنا الزهور: روائحها.. ألوانها.. أشكالها! أنا البحر: أمواجه ودُرره.. ابتسامته وغدره.. استواؤه ولا نهائيّته! أنا البر: بساطته وهدوؤه.. امتداده وعبقه! أنا العيد: بهجته وسروره.. تواضعه وغروره! أنا البراءة :حروفها وكلماتها.. أخطاؤها ودهشتها. أنا الطّفولة: صدقها ووضوحها.. انطلاقها وحنينها! أنا الأيّام: بداياتها وأحداثها ونهاياتها! أنا الشّهور: بطولها وقصرها.. باخضرارها وجدبها! أنا السّنين: بعددها وتعدّدها.. بقدمها وتجدّدها! أنا التّاريخ: أبطاله عُشّاقي.. وأحداثه أخلاقي.. معاركه من أجلي.. وكتبه صوري وظلّي. أنا العالم.. والعالم أنا! وبعد لحظات صمت.. قالت: ما رأيك في تاريخي؟ قلت: تاريخ مُزيّف! قالت: وما التّاريخ الحقيقي للمرأة في رأيك؟ قلت: بيت.. وزوج.. وأسرة سعيدة. هذه أقدم مملكة في التّاريخ.. وأجمل مملكة في التّاريخ.. بل هي التّاريخ كلّه.. إنّها حقيقة التّاريخ.. والتّاريخ الحقيقي.