يبدو أننا -في العالم العربي- كثيراً ما نترصد أخطاء النشطين حولنا أكثر مما نلتفت لنجاحاتهم. من يعمل لابد أن يخطئ. أم أن نشاط الآخرين من حولنا، خاصة من بني جلدتنا، يعكر مزاجنا؟! لا يعني نجاح الآخرين قصوراً فيمن حولهم ممن حاول ولم يصل، أو ممن لم تسعفه الظروف أن يحقق ما حققه غيره. وإن لم نفرح بنجاح الآخرين فلماذا نغضب من نجاحهم؟ أليس هذا هو «الحسد» بعينه؟ وإن لم نكن إيجابيين في نظرتنا للمتفوقين من بني جلدتنا فهل لابد من أن نكون سلبيين في نظرتنا لهم؟ أليست هذه هي «الغيرة» بأسوأ أشكالها؟ وإن لم نشجع غيرنا على الحركة فهل نكف أذانا عنه ونتركه في حاله؟ أم أن تلك هي «اللقافة» في أقبح صورها؟ أيام الدراسة في أمريكا، كنت ألحظ أن الطالب العربي -في الغالب- لا ينافس إلا زميله العربي، ولا ينتقد غير صاحبه العربي، وقليلاً ما يفرح لتميز طالب آخر من بلده أو منطقته. وفيما يحتفي الأستاذ الأمريكي وزملاء الدراسة الأجانب بتفوق العربي تجد بعض زملاء الدراسة العرب مغتاظين من تفوق زميلهم العربي، كما لو كان تفوقه تحدياً لهم أو إهانة لهم! حينما يخطئ مجتهد في المجتمعات الحية، وجلّ من لا يخطئ، يسامحه المجتمع ويتفهم كبوته بل ينظر للنصف المملوء من الكأس. وحينما يخفق العربي، تتزاحم سهام «التشفي» باتجاهه حتى تسأل: هل عليه ثأر لكل هذه الجموع من الرماة؟ ضريبة نجاح العربي أقسى من غيره. وهل لابد للنجاح من ضريبة؟ وثقافتنا العربية تعلمنا أن «غلطة الشاطر بعشرة» وأن الجمل إن طاح كثرت سكاكينه! ولمَ كل هذا الحذر من النشطين والناجحين؟ أحتاج أن أعطس، لكنني أخاف أن أتهم بسرقة فكرة من سبقني وعطس!