أكد رئيس مركز السياسات البترولية والتوقعات الإستراتيجية راشد أبا نمي ل « الشرق «، أن السياسة المالية للحكومة السعودية نجحت خلال الأعوام الماضية في تجنيب الميزانيات المتعاقبة أية تقلبات في أسواق النفط ، بتقدير سعر متحفظ للبترول وبالتالي خفض الدين العام ، وبالتزامن تمكنت من بناء احتياطي كبير لسد أي نقص محتمل وتعزيز استقرار إيرادات الميزانيات المقبلة من فوائض الأعوام الماضية في حالة انخفاض الواردات. و قال إنه على المدى القصير « السنوات الخمس المقبلة» فإن المملكة الآن في منأى إلى حد كبير عن حدوث عجز محتمل يجعلها تلجأ إلى الاستدانة كما حدث في الثمانينات . وأشار إلى العلاقة الوثيقة بين مستويات الإنفاق الحكومي وأسعار إيرادات النفط ، وبما أن أسعار البترول عرضة للتقلبات فإن ذلك يعني أن أي تراجع في أسعار النفط على مدى سنين متعاقبة سيؤثر لا محالة في العائدات وبالتالي سيؤثر سلبياً في السياسة الاقتصادية للمملكة. وأوضح أبانمي أنه بالرغم من الخطط الخمسية وأهدافها الأساسية بتنوع الاقتصاد وعدم الاعتماد على مصدر واحد من الدخل»البترول»، إلا أن هذا الاعتماد استمر بوتيرة أعلى من ذي قبل، إلى أن وصل هذا العام إلى أن أكثر من 93%من موارد المملكة المالية تعتمد على النفط ، مفيدا أنه ربما يصل الاعتماد على هذا المورد الوحيد إلى اعتماد كلي بنسبة 100% إذا استمرت الخطط الخمسية على نفس هذا النهج. وشدد أبانمي على ضرورة بناء كيان اقتصادي متنوع بعيداً عن الاعتماد على هذا المصدر الوحيد الذي سيؤول للنضوب، وذلك عبر خطط استراتيجية غير الخطط الخمسية التي أثبتت عدم جدواها، ،ويجب أن يتفاعل معها المجتمع بشفافية ، وهو ما يعني أنه على المدى القريب يجب علينا العمل على تخفيض مستوى الإنتاج البترولي المتدرج وتعويض ذلك بالاعتماد على عوائد صناديق استثمارية متنوعة جغرافياً وقليلة المخاطر بما يضمن سير العملية التنموية ويحقق الاستثمار الأجدى لهذه الوفرة المالية. موضحا أن الاستفادة من الفوائض المالية المتراكمة تكمن في تنويع الاستثمارات في كافة دول العالم وليس فقط الاعتماد على الاستثمار في السوق الأمريكية أوسوق السندات الأمريكية، فهناك فرص حقيقة تجسدت على أرض الواقع بعد الأزمة المالية في أوروبا وبعض الدول الآسيوية ودول أمريكا اللاتينية. وطالب بضرورة إيجاد الإطار الاقتصادي المناسب لتنويع مصادر الدخل، والعمل على زيادة نسبة إيرادات الحكومة غير النفطية على المدى المتوسط والمدى البعيد، فعلى المدى المتوسط فإن مجال النجاح كبير في الاعتماد على الاقتصاد المعرفي والتوجه إلى إحداث مراكز بحوث ودوائر علمية متميزة ومتنوعة بميزانيات وإدارات مستقلة لتشجيع الالتحاق بها لتأهيل الخبراء والعلماء في شتى المجالات، وإعادة تنظيم المرافق المساندة للسياحة والحج والعمرة والاعتماد التدريجي على مداخيل تلك المرافق، أما الخطط الاستراتيجية على المدى البعيد، فيجب الاعتماد في التخطيط لها على مشاركة المجتمع بكافة أطيافه وتنظيماته.