جدة – رنا حكيم التعثر في المشاريع قائم حتى تتم إعادة النظر في تصنيف المقاولين انخفاض الدين العام دليل على كفاءة الاقتصاد السعودي الأزمات المالية العالمية الجديدة لن تصل في شدتها لأزمة 2008 السعودية تستثمر فائض الميزانية للتغلب على الأزمات المالية العالمية قال كبير اقتصاديي البنك الأهلي التجاري، الدكتور سعيد الشيخ، إن توقعات الموازنات الفعلية لعام 2013 لم تكن بعيدة عما صرح به سابقاً في الصحيفة، وأشار إلى أن الإنفاق الرأسمالي على البنية التحتية لزيادة قدرة الاقتصاد هو المنحى الذي ستتخذه الدولة في السنة المقبلة، بزيادة ما يسمى «القدرة الاستيعابية للاقتصاد»، وهي أحد المحاور الأساسية للسياسة الإنفاقية، سواء كانت خدمية ببناء الطرق والمطارات وسكك الحديد، أو الخدمات الاجتماعية ببناء المدارس والمستشفيات والمرافق. وعن الجوانب الأخرى من سياسة الدولة قال: «الاستفادة من عائدات البترول لخفض الدين العام هي إحدى السياسات الأساسية، فالدَّين العام في 2002 كان قد وصل إلى قرابة 640 مليار ريال، والدولة اعتمدت خلال الفترة الماضية ابتداءً من 2003 التوجه لخفض الدين العام حتى وصل إلى 135 ملياراً عام 2011، وهو ما يعادل 6% من إجمال الناتج المحلي في 2011، وهذا الخفض الكبير من 100% من إجمالي الناتج المحلي إلى 6% من الناتج «من 700 ملياراً إلى 135 ملياراً» يؤكد كفاءة الاقتصاد، وتخفيض الدَّين من الجهات المقرضة من تأمينات اجتماعية ومصلحة المعاشات والتقاعد، أو البنوك، ليتحسن التصنيف الائتماني للبلاد، مما شكل جاذبية كبيرة للاستثمارات السعودية. والمحور الثالث من السياسة المالية للدولة هو بناء احتياطيات، بحيث يكون للدولة جزء من احتياطاتها تضعه لتستخدمه في ظل أي تطورات اقتصادية معاكسة في أسواق النفط، والآن هذا الاحتياطي الحكومي وصل ل 320 مليار دولار، وهي ودائع حكومية مستثمرة توضع في حساب مؤسسة النقد، حتى تستثمرها في الخزينة الأمريكية أو في أوروبا، لكن أغلبها في أمريكا. الاستثمارات السعودية في أمريكا وأضاف الشيخ «أن هناك رقماً آخر دائماً ما يتردد في الصحافة، وهو صافي الاستثمارات السعودية في الخزينة الأمريكية، في الجهاز الرسمي، والذي قدره الشيخ ب 643 مليار دولار بنهاية العام الحالي، مبيناً أن للمملكة استثمارات أجنبية مودعة لدى مؤسسة النقد، جزء منها للاستثمار، وهي 320 ملياراً، والباقي هي غطاء للريال السعودي، وأيضا استثمارات لبعض الصناديق الحكومية، مثل مؤسسة المعاشات والتقاعد والتأمينات الاجتماعية السعودية والصندوق السعودي للتنمية، التي تضع أموالها لدى مؤسسة النقد، حتى تستثمرها في المصارف الأوروبية والأجنبية، ويمثل هذا الاحتياطي أحد ثاني المحددات الأساسية للسياسة المالية للدولة لمواجهة أي تطورات معاكسة لأسواق النفط، فإذا حدث انخفاض في الأسعار أو حدث انخفاض في الإنتاج النفطي للمملكة نتيجة أي تطورات إقليمية أو دولية، ستستطيع المملكة الإنفاق على مشاريع البنى التحتية والاجتماعية، ومواجهة أي تحديات تطرأ بتغير السوق النفطي، وهذا هو الإطار العام للسياسة المالية للدولة، وحول آلية التحريك لهذه الأموال في صورة أذنات خزينة وسندات مالية قصيرة الأجل تترواج ما بين ثلاثة أشهر وسنين، والهدف من وضعها في هذه الصورة هو أن هذه السندات سهلة التسييل في أي وقت تحتاج فيه الدولة لسيولة للإنفاق على مشروع معين عن طريق وزارة المالية. وأضاف: حدث تسييل لهذه الأموال في 2009 عندما احتاجت الدولة لأموال نتيجة انخفاض أسعار النفط، فطلبت الدولة من مؤسسة النقد تسييل جزء من هذه الأموال لسداد العجز في ميزانية 2009. مخصصات التعليم والصحة وعن القطاعات التي ستشهد تخصيص جزء أكبر لها، قال الشيخ «قطاع التعلم لا يزال يحتل أهمية كبيرة في السياسة المالية لبناء القدرات في التعليم وأن تزيد المخصصات على 26%، ويأتي بعدها قطاع الصحة بنسبة 17%، خصوصاً أن العاملين في قطاع التعلم يمثلون قرابة 50% من المسجلين في الخدمة المدنية، كما أن الدولة تسعى لتطوير خطط لبناء الكليات والمدارس وهو معمول به منذ عدة سنوات وكذلك الصحة، أما بقية القطاعات، فتأتي بالدرجة الثالثة، مؤكداً أن التوزيع لن يكون متبايناً عن الميزانيات السابقة، ويأتي قطاع الشؤون البلدية بنسبة 10% دون تباين عن النسب المخصصة له في السنوات السابقة. وتوقع الشيخ أن تشهد صناديق الدولة التمويلية مثل صندوقي التنمية الصناعي وصندوق التنمية العقاري ضخاً أعلى مما اعتادا عليه في السنوات السابقة، بنسبة تتراوح بين 10 و 15% مقارنة بالعام الماضي، وأن يشهد الاقتصاد نمواً في 2012 يصل لنحو 5,5% بناءً على الأسعار الفعلية في هذا العام، وليس على مستوى الأرقام الاسمية، ومن المتوقع أن يحقق القطاع النفطي نسبة نمو مقدارها 6,7% في هذا العام (2012)، أما القطاع غير النفطي فسيشهد نمواً ب 4,8%، مضيفاً «هذه المعدلات في النمو تأتي بأقل من معدلات نمو 2011 الذي وصل ل 6,8% والسبب في ذلك هو أن الاقتصاد يشهد الآن نمواً على قاعدة أكبر، خصوصاً بعد الحوافز والأوامر الملكية التي أدت لضخ سيولة للموظفين في قطاع الدولة مما ساهم في نمو هذا القطاع، والآن هو ينمو على قاعدة اقتصادية أكبر، وهذ المعدلات يمكن وصفها ب «الجيدة». وأشار الشيخ إلى أن معدلات النمو في القطاع الخاص ستستمر في النمو نتيجة استمرار الإنفاق الحكومي، سواء الرأسي أو الأفقي، وخصوصاً قطاع الإنشاء والبنى التحتية الذي نما بنسبة 11%، و قطاع الصناعة الذي كان 8%. وتعود أسباب الارتفاع إلى أن بعض هذه الصناعات دخلت قيد الإنشاء، وستستمر وتيرة إنتاجها للسنوات المقبلة، وهذه العوامل ستؤدي إلى نسبة نمو في القطاع الخاص. عقود «الباطن» وحول تعثر المشاريع وأثرها في بطء النمو الاقتصادي في المملكة، أوضح الشيخ أن التعثر يكمن في جزء من المشاريع سيظل قائماً خلال السنوات المقبلة نتيجة لظروف محلية أو اقليمية أو دولية أو غيرها، نظراً لمحدودية أعداد المقاولين الذين يستطيعون تنفيذ مشاريع كبيرة، مما يؤدي لإحالة جزء من تلك المشاريع لمقاولين بالباطن، ليسوا بالضرورة على كفاءة عالية، مما يؤدي لتأخر إنجاز المشاريع. وأضاف أن نظام المشتريات الحكومية يتطلب اتباع نظام الترسية على الأقل في السعر، وهذا ربما يحتاج لإعادة النظر فيه، ليكون السعر أحد المعايير في الترسية، وأن يكون التركيز على الكفاءة وتصنيفات المقاولين»، مشيراً إلى ضرورة إعادة النظر في تصنيف المقاولين، وهو دور وزارة التجارة والغرف التجارية لضمان مناسبة التصنيف مع القدرة الحقيقية للمقاولين، في تنفيذ المشاريع، مما يحد من قضية التعثر. واستبعد الشيخ أن تكون هناك أزمة مالية عالمية كما يتوقع الأمريكان، مبيناً أن السعودية تعيش تبعات أزمة 2008، وأشار إلى أنه إذا ما وجدت أي أزمة فسيكون أثرها أقل من الأزمة السابقة، ولن يكون في صورة إنهيار إقتصادي، بل سيكون مجرد تباطؤ.