مجيب الرحمن العمري تباينت الآراء حول قرار مجلس الوزراء رقم 353 الخاص برفع المقابل المالي على العمالة الوافدة التي تزيد عن العمالة الوطنية في المنشآت، الذي بدأ حيز التنفيذ خلال شهر محرم من العالم الحالي، وبداية كان ينبغي ألا يكون مثل هذا القرار موضع نقاش فالمواطن في كل بلدان العالم له الأولوية بجميع الوظائف سواء في القطاع الحكومي أو القطاع الخاص لكن مما يؤسف له وجود عمالة وافدة حتى في بعض الوظائف الحكومية وفي مهن إدارية بسيطة واكتظاظ القطاع الخاص بالعمالة الوافدة ومما يؤسف له أيضا هذا الاعتراض بكل حماس على القرار من قبل بعض رجال الأعمال لدينا متجاهلين أنه يصب في مصلحة الجميع وأن حقوق المواطنين عليهم تتجاوز المطالبة بالتوظيف إلى مرحلة قيام القطاع الخاص بمسؤوليته الاجتماعية تجاه الوطن والمواطن في القيام ببرامج تطوعية مختلفة والمشاركة في التنمية لاسيما أن مصدر دخل معظم الشركات هو المستهلك السعودي. وكنا نتمنى أيضا أن يكون لدى بعض رجال الأعمال لدينا شيء من الوعي والإدراك بمصلحتهم ومصلحة المجتمع ككل لأن هذا القرار يصب في مصلحة توطين الوظائف وتقليص البطالة وقلب موازين العرض والطلب والتنافس بين العامل الوافد والموظف السعودي في جانب التكلفة على صاحب العمل. لاسيما أنه أصبح لدينا من أبناء البلد كفاءات عليا يحملون مؤهلات مختلفة وفي التخصصات المختلفة والمتميزة في المجالات المالية والإدارية وتقنية المعلومات من خلال مخرجات التعليم المختلفة ومخرجات برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي مما يؤكد على أن معيار الكفاءة والمؤهلات بين العامل الوافد وابن الوطن قد اختفى ولم يعد له وجود واختفت أيضا الاتكالية والكسل اللتان كان يوصم بهما الموظف السعودي فها هي البنوك والشركات الكبرى كسابك وأرامكو وكثير من المصانع تقوم بسواعد سعودية في معظم المهن التي فيها بل أؤكد من خلال ما رأيته من خلال عملي في القطاع الخاص وفي المواقع المختلفة التي تنقلت فيها على تفوق ابن البلد على العامل الوافد في فهم طبيعة العمل وتبسيط الإجراءات وكفاءة الأداء بعيدا عن المزايدات والغموض والتعقيدات التي يخلقها العامل الوافد في سبيل إيهامه صاحب العمل بصعوبة العمل وغموض التفاصيل وأنه لا غنى له عنه وأن عمله يحتاج إلى مزيد من الوقت ومزيد من الجهد مما يجعله يطالب صاحب العمل بمزيد من الأجر ومزيد من الرواتب الإضافية التي يعمل فيها خارج أوقات الدوام الرسمي ويظهر لصاحب العمل كل ما يستطيع فعله ليجعله يتمسك به، لكن الموظف السعودي يعمل بحرية ويسعى إلى التطوير والنهوض ليمارس إمكاناته ومهاراته نظرا للاستقرار الذاتي الذي يحظى به كونه يعمل في بلده ويعمل لمصلحته ومصلحة بلده ويسعى إلى الرقي بمهاراته والتميز بمستواه ليظهر بمظهر مشرف ومتميز بما ينعكس على سمعته وسمعة الوطن ككل. وهناك فرق بين من يعمل وهو مطمئن البال ومن يعمل متوتر من القرارات والاجراءات التي تهدد استقراره. أما الجانب السلبي الآخر في استقدام العمال الوافدين يكمن في التحويلات الخارجية حيث إن في تحويل أموالهم إلى الخارج دون صرفها داخل البلد ما يمكن أن نطلق عليه نهبا لاقتصاد بلدنا وما ينعكس سلبا على اقتصادنا الكلي ويخلق فيه فجوات تنخر في نموه وتحد من زيادة حجمه وتقلل من قدرته على النمو لاسيما أن النمو الاقتصادي ينعكس إيجابيا على كافة طبقات المجتمع فيخلق فرصا استثمارية أكثر للتاجر ويخلق فرصا وظيفية للمواطن بل يصبح أكثر إغراء للمستثمرين الأجانب وأعني هنا مستثمري الدول ذات الاقتصاديات ذات الحجم الكبير للدخول فيه والمشاركة مما يحقق زيادة في العرض وتخفيض الأسعار ويزيد من الفرص الوظيفية، أضف إلى ذلك ما للنمو الاقتصادي من فوائد كثيرة على الدولة والمجتمع من الاستقرار الأمني والوظيفي والسياسي والثقافي والأدبي أيضا. كذلك ينبغي أن يعلم معارضو القرار أن جلب العمالة الوافدة يكلف ميزانية الدولة كثيرا دون مقابل مادي يعود إليها فهو يضاعف عدد السكان مما يتوجب على الدولة مضاعفة الصرف على كثير من البنى التحتية في المدن والقرى ومضاعفة صيانتها للشوارع وبناء الجسور والأنفاق لتسهيل حركة المرور التي اكتظت بهذه العمالة غير المبرر وجود كثير منها مما سبب هذا الازدحام في شوارعنا في المدن الرئيسة كمدينة الرياضوجدة ومكة والمدينة والدمام، وكلف ميزانية الدولة كثيرا في التخفيف منه ومعالجته أضف إلى ذلك ما يضيف على ميزانية الدولة من تكلفة في زيادة استهلاك الكهرباء والماء وزيادة الدعم للسلع المدعومة من الدولة التي تصل إلى العامل الوافد بتكلفة مخفضة مثلما تأتي إلى المواطن دون زيادة أو نقصان لكن الذي يدفع ضريبتها بطبيعة الحال ميزانية الدولة. وبالتالي فميزانية الدولة أصبحت مثقلة بتكاليف غير مبررة جراء كثرة وجود العمالة الوافدة وفي المقابل وجود البطالة والصرف عليها متمثلا فيما يدفع على برنامج حافز وما يدفع إلى صندوق تنمية الموارد البشرية الذي يقوم هو بتعويض بعض الشركات بنصف الراتب تشجيعا على توظيف سعوديين، وما تتكبد ميزانية الدولة من خسائر التحويلات الخارجية وتناقص النمو الاقتصادي لذلك فإن قرار مجلس الوزراء الموقر رقم 353 يصب في مصلحة المواطن والوطن وينبغي على وزارة العمل الاستمرار فيه والتفكير بفرض مزيد من الرسوم على العمال الوافدين كضريبة على الدخل تستقطع بنسبة معينة من مبلغ الراتب المسجل في التأمينات الاجتماعية إلى أن تنقلب المعادلة في صالح الوطن والمواطن الأولى بخيرات بلده.