نظامنا الإداري المترهل أصبح قديماً حد اليأس من أنه قادر على تسيير منشأة إدارية صغيرة، للقيام بالحد الأدنى من واجباتها، تجاه من لهم واجب عليها. نظام هلامي، بلا ملامح، ليس لأحد قدرة على الإحاطة به، يتمدد كما السرطان، ويتوالد كالأرانب، في ظل بيروقراطية تغلغلت في تفاصيله، ويبسّت مفاصله، لتصنع منه بيئة حاضنة للفساد الإداري والمالي، العدو الأول للتنمية والعدل وتكافؤ الفرص. نظام كهذا – أو فوضى بالأصح – لا سبيل لإصلاحه، بل يجب اجتثاثه من جذوره، وإحلال الحكومة الإلكترونية بديلاً عنه، ولابد من فرض عقوبات صارمة على كل الوزارات والأجهزة المتباطئة أو المتلكئة في اعتماد تطبيقات الإدارة الإلكترونية، بعد أن ثبت أن أسلوب التحفيز الذي اتبعته الدولة خلال الفترة الماضية لم يجد نفعاً. وفي هذا الصدد، لدينا تجارب ناجحة، كتجربة وزارة الداخلية في بعض القطاعات التابعة لها كالجوازات، والأحوال المدنية، التي كان لها صدى إيجابي لدى جمهور المستفيدين، رغم أنها ما زالت بعيدة عن السقف الأعلى من إمكانات الإدارة الإلكترونية. النموذج الإداري الأمثل لدينا يتمثل في الإدارة الإلكترونية للبنوك، وكم أتمنى لو نقلت هذه التجربة إلى القطاع الحكومي، بعد أن أثبتت نجاحها الباهر، خصوصاً إذا ما أخذنا في الاعتبار طبيعة عملها التي لا تحتمل الخطأ، الذي إن حدث فليس ثمنه غضبة مراجع، أو لفت نظر موظف، في البنك الخطأ ثمنه مال!