ليس في الإعلام العربي محايد، ولا شك أن قناة الجزيرة منحازة للإخوان المسلمين، لكن قناة «العربية» تنحاز بطريقة أبسط ما يقال عنها إنها فجة وفاضحة ومخجلة لي كسعودي. كما أن الجرعة زادت في هذه الأيام مع أزمة الدستور المصري الذي تسميه قناة العربية «دستور مرسي»، حتى إن المصريين الذين تستضيفهم «العربية» لمهاجمة الدستور بدوا أقل شراسة في الهجوم من القناة نفسها. نعم! إنه عنوان مستهجن لدرجة كبيرة «دستور مرسي» وقد ورط من كتب هذا العنوان، المذيعة التي كانت تدير النقاش مع الأطراف المتعارضة في القاهرة، فلم تستطع أن تدافع عن هذه الغلطة الكبيرة؛ لأنها تعلم أن مثل هذه الغلطة لا يمكن ترقيعها بأي حال من الأحوال. الدكتور محمد مرسي هو رئيس جمهورية مصر العربية الشقيقة، وما تعيشه مصر من اختلاف وصراع هو تجربة ثرية يفترض فينا أن نتعلم منها ونستفيد، وأن ندعو للمصريين أن تجتمع قلوبهم ولا تختلف، بدلاً من الهجوم الشرس واللغة الفوقية التعليمية التي تمارسها القناة، وكأن كتَّاب الشريط الإخباري قد تعلموا القانون الدولي في أكسفورد. هو نفسه الشريط الإخباري المليء بالأخطاء الإملائية على مدار الساعة، والتي تحتاج إلى مدرس لغة عربية مقيم باستمرار في القناة لكي يصحح ويتابع؛ عسى أن يخف وقوع تلك الأخطاء. في المقابل جرى تعريف الطرف الآخر بأنه «القوى الوطنية»، وكأن من وافق على الدستور ليس بوطني ولا مصري، وهو عنوان تحكمه عقدنا نحن في السعودية، فنحن هنا لا نسمي الأشياء بمسمياتها. أما عند المصريين فلا توجد هذه المراوغات، بل الليبراليون يسمون أنفسهم ليبراليين، واليساريون كذلك، ولا أتوقع منهم أن يحصروا الوطنية في أنفسهم كما فعلت القناة. المشكلة حقيقة، أن إخواننا المصريين، بل وكل العرب، يتصورون أن قناة «العربية» تمثِّل المملكة. والحقيقة أنها لا تمثِّل سوى نفسها. لا تمثل سوى جماعة ينقصهم الاحتراف والمهنية التي تجعل انحيازك خفياً بعض الشيء، وتجعل بغضك وهجومك على خصومك راقياً بعض الشيء، وتجعلك ساعياً للإنصاف بعض الشيء، وتجعل طرحك محترماً في عيون الناس، فلا يكون بهذه الفجاجة التي رأيناها في الأيام الماضية.