لم تسع الفرحة أهالي الأطفال المتعافين من أمراض السرطان التي هاجمت أجسادهم الصغيرة، واستغرقت شهوراً حتى تستعيد صحتها، فأم ماجد الوايل لم تستطع التعبير عن فرحتها بعد تعافي ابنها من مرض سرطان الدم، الذي أصابه في الرابعة من عمره، واستغرقت مدة شفائه أربعة أعوام؛ حيث شُخص مرضه في مستشفى القطيف المركزي، ونقل بعدها إلى مستشفى الملك فهد التخصصي وتلقى علاجه، وشفيت العنود المانع التي تبلغ من العمر 16 عاماً من ورم حميد في الرحم، بلغ وزنه الكيلوين، حيث اكتشفته عندما كانت في سن 11 عاماً، حين كانت في زيارة لأهل والدتها في الكويت، تقول «شعرتُ بألم شديد في البطن؛ ما دفعني لإخبار أهلي عن رغبتي في العودة إلى المملكة، وشخصت حالتي في مستشفى المانع بوجود ورم سرطاني، وتم استئصال الورم بعد ذلك دون أي آثار جانبيه قد تؤثر عليّ مستقبلاً». فحص كل ستة أشهر وصرح رئيس اللجنة الطبية في الجمعية السعودية للسرطان، الدكتور إبراهيم الشنيبر، أن نسبة الأطفال المصابين بالمرض في المملكة انخفضت في العام الحالي إلى 8% من جملة إصابات السرطان، مقارنة مع الأعوام الماضية؛ حيث تراوحت النسب بين 10% إلى 11%، مرجعاً السبب الحقيقي إلى زيادة أعداد المصابين بالسرطان من البالغين، وذلك في معرض حديثه في حفل اليوم التاسع للطفل المصاب، الذي أقيم في شاطئ الشروق في الدمام، نافياً أن يكون السبب في انخفاض النسبة راجعاً إلى نقص تعداد المصابين بالسرطان من الأطفال. ويبين الدكتور أن أكثر أنواع سرطانات الأطفال انتشاراً في المملكة سرطان الجهاز العصبي، وسرطان الجهاز الليمفاوي، وسرطان الدم وشبكية العين، منوهاً إلى أن وجود طفل مصاب بهذا النوع من السرطان يستلزم من الأهل فحص جميع أفراد الأسرة كل ستة أشهر؛ حيث إن العامل الوراثي يزيد من احتمال الإصابة بالمرض، وفي حال عدم وجود طفل مصاب يجب على الأهل مراقبة أي تغير في عين الطفل، كوجود بياض مثلاً، والمسارعة بفحصه لدى الطبيب المختص، مشيراً أن الفحص المتأخر قد يؤدي لاستئصال إحدى العينين أو كلاهما، ويتم استبدالها بعين اصطناعية. الأكثر انتشاراً ويشير الشنيبر إلى أن سرطان الدم هو الأكثر انتشاراً بين الأطفال، وأن نسبة شفائهم منه عالية، مؤكداً أهمية الكشف المبكر عن السرطان، مبيناً أن علاجه في مراحله الأولى أسهل من العلاج في المراحل المتقدمة. ويشير الشنيبر إلى أهمية تنظيم ملتقى الأطفال، ويقول «تشكل هذه الملتقيات دعماً نفسياً قوياً لكلّا من الأم والطفل؛ فصدمة الأم بإصابة ابنها يهونها حديث أم أخرى لديها طفل مصاب، حيث تتبادلان التجارب والخبرات، وتحصلان على دعم إيجابي، خاصة من الأمهات اللواتي شفي أبناؤهن من المرض»، مبيناً أنه أمر لا يستطيع الطبيب -مهما ارتفعت درجته العلمية- تقديمه للأم. خدمات عديدة وبيّن المدير الطبي لجمعية السرطان، محمد السايس، أن الجمعية تركز على ثلاثة محاور، ويقول «تقدم الجمعية خدمات عديدة، منها رعاية المرضى، وتوفير سكن مجاني للقادمين من أماكن بعيدة للعلاج في المستشفى التخصصي، وتوفير المواصلات، بالإضافة إلى توفير بعض الأجهزة التعويضية، كأجهزة التنفس، أو توفير سرير طبي، وتنظيم رحلة عمرة مجانية لمجموعة من المصابين مع مرافقيهم». توعية المجتمع وأوضح السايس أن محورهم الثاني هو محور المجتمع، وذلك بزيادة التوعية تجاه مرضى السرطان، وكيفية التعامل معهم، موضحاً أهمية الكشف المبكر؛ ليتم العلاج بشكل أسرع، بالإضافة إلى عمل الندوات والحملات التثقيفية، وتوزيع الكتيبات لنشر الوعي. وأشار السايس إلى المحور الثالث، الذي تمثل في تثقيف الكوادر الطبية، وعمل ندوات تثقيفية للأطباء والممرضات؛ لمعرفة أحدث أنواع العلاج، وكيفية التعامل مع مرضى السرطان، ويقول «أقيمت أكثر من مائة ندوة تثقيفية حتى الآن، منها ندوات طبية، ب555 ساعة تعليمية معتمدة من الهيئة السعودية للتخصصات الصحية، بالإضافة إلى اتفاقيات الجمعية الدولية مع عدد من المنظمات العالمية. بناء المستقبل وتتحدث رئيسة الأنشطة الاجتماعية في جمعية السرطان، نوف التميمي، عن اهتمام ملتقى الأطفال لهذا العام ببناء المستقبل، وضمه لورش عمل تعرف الطفل بأخلاقيات المهنة، وأهمية الحفاظ على الصحة لبناء المستقبل، وغيرها من الأنشطة والفعاليات التي يتابع تنظيمها مائة متطوع ومتطوعة، وبحضور 130 طفلاً مصاباً بالمرض.