أزمة الإسكان وشح الأراضي أصبحت شبحاً يطل في مختلف المحافل، خصوصاً مع تلك المساحات البيضاء الشاسعة الموجودة هنا وهناك في العاصمة الرياض ومختلف المناطق والمحافظات السعودية والتي أصبحت كابوساً مؤرقاً للمواطنين. نشرت الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض بياناً صحفياً جاء فيه «زيادة مساحة الكتلة العمرانية للعاصمة إلى 1297 كيلومتراً مربعاً بما في ذلك الطرق، وبينت الدراسة، أن الزيادة التي شهدتها المدينة خلال ثلاثة أعوام، بلغت 79 كيلومتراً مربعاً، وتركز النمو العمراني لهذه الزيادة في أطراف المدينة، وخصوصا في الاتجاهين الشمالي، والشمالي الشرقي، في حين لا تزال الأراضي غير المطورة (البيضاء) تمثل الجزء الأكبر من مساحة حدود حماية التنمية في المدينة بنسبة تبلغ 78%، وهو ما يمثل مخزوناً استراتيجياً للنمو العمراني في المدينة»، الرياض العاصمة السعودية التي يقطنها أكثر من خمسة ملايين نسمة 78% من أراضيها هي بيضاء، ونحن نعاني من أزمة خطيرة حيث وصل سعر المتر عند كوبري العمارية الى 1500 ريال كحد أدنى، هذا عدا سعره في حطين والنخيل الغربي والخزامي، حيث وصل إلى 3000 و4500 ريال وتجاوز ذلك في كثير من الأماكن. وعلى الرغم من كل ما يحصل الآن فإن هذه الأزمة تعد في بداياتها، وسيكون عمقها وخطرها وتداعياتها الاقتصادية، والاجتماعية، والأمنية، بعد حوالي 10 سنوات إلى 15 سنة، ومن ثم فإن على مجلس الأمن الوطني إعداد الدراسات والتوصيات حول هذا المشكلة التي لن أبالغ إن قلت إنها أساس قوي في تحقيق مزيد من الأمن والاستقرار. في جميع مناطق ومدن المملكة منذ تأسيس الدولة كان وما زال نزع الملكية -خاصة التي تستغل في رفع الأسعار بما يشبه الاحتكار- من أجل المشروعات والمصلحة العامة أمراً حتمياً. أجوب شوارع الرياض وأشاهد الأراضي العديدة بمساحات مليونية، وغالبيتها لتجار ومتنفذين، وثمن الأرض تضاعف آلاف المرات منذ شرائها ولكن هذا المتنفذ أو التاجر أو ورثته يريدون تضاعف السعر عدة آلاف إضافية، ضاربين عرض الحائط بالوطن، والمواطن، والمصلحة العامة، لأن جشعهم مقدم على الجميع. معالي وزير الإسكان حان وقت العمل، فمن غير المعقول أن توجد أزمة إسكان في بلد أشبه بالقارة، وعدد سكانه لا يصل 30 مليون مواطن، نزع ملكيات الأراضي التي لا يتم تعميرها للإسهام في بناء الدولة هو الخيار الوحيد لمواجهة هذه الأزمة، لأن غالبية تجار الأراضي ومالكيها ومتنفذيها يعملون بمبدأ الاحتكار والتسقيع لزيادة الأسعار فقط، والحل في مواجهة ذلك استخدام سلطة الدولة لمواجهة هذه الأزمة التي ستهدد الوطن يوماً ما.