اجتمعت بصديق قديم لي اسمه نظمي كان معي في الابتدائي. لم يتغير كثيرا. نفس العيون غير الهادئة. قلت له هل تذكر (السجاير)؟ هذا الصديق علمني أمرين: شجعني على السرقة وشرب الدخان؟ قال لي لسوف تشعر بالرجولة حين تنفث الدخان من أنفك! أعترف للقارئ أنني سرقت عددا من علب السجائر من نوع (بافرا) مما كان والدي يدخن. كنت أذهب إليه بجنب القشلة (الثكنة) خارج المدينة فأدخن معه السجاير المسروقة. كنت طفلا بريئا، ولكن لربما انحرفت ولم أكن لا الطبيب ولا الكاتب! نظمي هذا كان من نفس ملتنا (الماردليين) فنحن ننتمي إلى الأصول العربية من قبائل ماردين من تركيا. كان نظمي كثير الكذب، يروي لي العديد من القصص المختلقة، وبعضها ليس من النوع المهذب. كما كان كثير التلفت بعيني ثعلب، ومع كل التفاتة كان يبصق. كان كثير الكذب كثير البصاق. حين التقيت به في القامشلي مجددا حين فكرت خطأ في الاستقرار فيها وكانت برفقتي زوجتي التي ارتحلت لمقعد صدق ليلى سعيد كنت أقرأ في عينيها الحزن. كانت تقول لي أنت وطني، وحيث تسكن في قصر أو كوخ سكنت معك فاختر ما تريد. عليها شآبيب الرحمة. قلت لنظمي الماردلي حين اجتمعت به هل تذكر القشلة وسجائر البافرا؟ تذكر وظهر الضيق في سحنته وآثر أن لا يطيل الحوار والذكريات بل الفرار فأعطاني ظهره ولم يعقب.