حين انطلقت «الشرق» في مثل هذا اليوم (12/5/ 2011م) كان التوتر والقلق قد بلغا مبلغهما من الزملاء في التحرير والإدارة، وكان الترقب أيضاً في قمته من الأصدقاء والمحبين والمتطلعين إلى صحيفة متميزة، وفي ذات القمة كان التربص وانتظار الشماتة وإعلان الفشل من قلة بعضهم لم يعد مؤمناً بأهمية «الصحافة الورقية» وهم معذورون، وبعضهم الآخر وهم الأكثرية عشاق لفشل الآخرين، سعاة دائماً إلى ترويج وتكريس كل سبب ومثلبة تؤكد ما يهدفون إليه، وهؤلاء موجودون في كل عصر ومصر وعند كل مشروع وفكرة. اليوم «12/5/ 2012م» تبدأ «الشرق» عامها الثاني، وقد كبر طموحها، وقد زاد توثبها، وقد أخذت موقعاً متميزاً في صدارة المشهد الصحفي، بعد أن حققت نجاحات فاجأت بها حتى المخططين لها والعاملين فيها وقفزت بها فوق توقعات المتفائلين، وجاءت الأرقام –لغة الأرقام أبلغ وأصدق لغة– لتؤكد تلك النجاحات، وترفع سقف التوقعات والحسابات المالية والمعنوية. توقد «الشرق» اليوم شمعتها الثانية، وقد زاد التوتر وتضخم القلق لدى الزملاء، فالنجاح لذيذ، لكن الحفاظ عليه صعب، والإضافة إليه أصعب، والعاملون في الصحيفة كلهم «إدارة وتحريراً وتسويقاً» يدركون ذلك، وقد عملوا ومازالوا يعملون على تطوير خططهم، وتكثيف جهدهم، وتسريع خطواتهم، أمّا المترقبون من المحبين والمتطلعين إلى النجاح فقد أسعدتهم «الشرق» وقد أمطروها بمشاعرهم الفياضة بالحب، ونقدهم العميق المتطلع للأفضل والأكمل والأجمل، أمّا أحباؤنا غير المؤمنين ب»صحافة الورق» فنطمئنهم أن تجربة «الشرق» تقول لهم مازال الوقت مبكراً، ولا تقلقوا فموقع «الشرق» الإلكتروني هو الآخر ينافس على الصدارة، ومتى ما توقفت صناعة الطباعة –بعد عمر طويل طويل– فستجدون أقوياء الورق هم سادة النت، وأمّا أصدقاؤنا المتربصون فنقول لهم إن «الشرق» تحيي جلدكم وصبركم، وتدعوكم أن تبحثوا عن مشروع نابت، أما «الشرق» فقد تجاوزت عجلات قطارها حدود قدرتكم على الرؤية والرؤيا، وغطّى هدير محركاته على أصواتكم المبحوحة. وأمّا ثروة «الشرق» الحقيقية، وزاد رحلتها الدائم، فهو أنت أيها القارئ الكريم، أنت الذي كنت ومازلت محور رهاننا، ومحط أنظارنا، وهدف اجتهادنا، ونحن ندرك أننا مهما فعلنا ومهما قدمنا أنك تستحق أكثر، وتنتظر منا أكثر، ونحن نعي أيضاً أننا مازلنا مقصرين معك، ودون تطلعاتك، وأقل من طموحاتك، لكننا لن نكل ولن نمل في الاجتهاد والجهد من أجل تحقيق ما يحقق بعض رضاك، ويطمئنك أننا قادرون على أن نصل في رحلتنا معاً إلى الهدف الذي يخدمك، وإلى المكان الذي نلتقي فيه عند مصلحة وطننا بعمق ووعي، في ظل قيادتنا الرشيدة التي تتطلع إلى الأفضل دائماً وتحث عليه وتدعمه، ومع حكومتنا التي تجتهد –ونحن معها– لتحقيق تطلعات الوطن وأهله، والقيادة وطموحها في آن واحد. «الشرق» وهي تمد خطوتها الثانية اليوم في مشوار الألف ميل، لا تفخر بما حققت من نجاحات في عامها الأول فقط، بل لديها ما هو أهم وأكبر، فهي تفاخر بكتيبة العاملين فيها من أبناء وبنات الوطن المنتمين إلى جيل «تويتر» وما فوقه بقليل، الذين أثبتوا بما لا مجال للشك فيه، أنهم أهل للثقة، وموضع لتحقيق الطموح، وأنهم قادرون فعلاً على خدمة وطنهم بوعي وفهم وتمكن، ومثل ذاك الفخر –أيضاً– وأكبر منه بالكتاب والكاتبات المنتمين لذات الجيل والقريبين منه سناً ووعياً وفكراً. أمّا أنا وأمثالي من «الفتيان» ممن مازالوا في ميعة الصبا، فإننا نحاول الاقتراب من هذا الجيل النابت المتسلح بالمعرفة التقنية والوعي العام، ونسعى لأن نأخذ معهم فرصة المشاركة في خدمة الوطن، وكلما شعرنا بأنهم يشيرون لطول المسافة بيننا وبينهم زمنياً وتقنياً، تجاهلنا الإشارة، وأشغلناهم بحكمة «شباب القلب»، فإن أصرّوا قلنا «الدهن في العتاقي»، فيصبرون ويجاملوننا بقولهم «ما أحوجنا إلى حكمة الكبار وتجاربهم»، وأنا لا أتحدث عن نفسي بل عندي أمثلة فارهة ضخمة ممن تفخر بهم «الشرق» أمثال شيخنا الدكتور عائض القرني وأساتذتنا الدكتور عبدالعزيز الدخيل والدكتور حمزة المزيني والدكتور سعيد فالح والأستاذ جاسر الجاسر والأستاذ عبدالرحمن الشهيب والأستاذ صالح الحمادي، وغيرهم، وأستاذنا وصديقنا الكبير القادم للتوّ من رحلة «هجر الكتابة» الدكتور عبدالله الفوزان، وصديقنا «الزول» الدكتور محمد عبدالله الريح، الذي يشاركنا الرحلة ابتداءً من اليوم. بقي أن أقول إن وطننا الآمن المستقر المتطور الطموح يستحق منا بذل كل ما نستطيع من جهد عملي وفكري لتكريس ثوابته، وتحقيق طموحاته في مستقبل مشرق في ظل «عبدالله، وسلمان» حفظهما الله، و»الشرق» مع الوطن ومعكم أينما اتّجهتم «ورقياً وإلكترونياً».