علي عايض عسيري الظاهر والعلم عند الله أن حمى الجشع والاستغلال والطمع والاستلطاخ قد انتقلت عدواها لشركات ووكالات السيارات في بلادنا، فبدأت تمارس نفس طريقة وأسلوب تجار المواد الغذائية والاستهلاكية والصحية والبناء، فبدلاً من تحمل مسؤولية توفير قطع الغيار المهمة والضرورية والأصلية لسيارات الخلق صارت تتحجج بحجة طلب الطلبية من المدن الرئيسية وتخفي عن أنظار ملاك السيارات تلك القطع لتحتكرها وترفع ثمنها وقيمتها الأساسية دون مبرر يذكر وفي ظل غياب الرقابة عن ساحة المعارك الطاحنة التي تجري بين المستهلك والوكيل ما بين فينة وأخرى، فذلك يؤكد بما لا يدع مجالاً للشك بأن هناك علاقة وثيقة مشبوهة ومرسومة بكل عناية واتقان يتم تخطيطها بعيداً عن أعين ولاة الأمر, وعن عين رقابة النظام والمستهلك العادي البسيط وتدور كواليسها وبطولاتها وأدوارها وبروفاتها الأولية والنهائية قبل طرحها على شبابيك العرض في مسلسلات دراماتيكية هزلية يراد بها امتصاص جيوب فقراء ومحدودي الدخل بالمجتمع، من كان يعتقد في يوم من الأيام أن «أقمشة» الكفرات الأصلية غير متوفرة ونادرة وغير موجودة في الأسواق ولدى الوكلاء؟ ففي السابق كانت تلك الأقمشة تباع في كل مكان: بالبناشر، بالمغاسل، بمحلات الزينة والتلميع، وحتى في بعض البقالات البعيدة خارج حدود المدن,اليوم صارت تلك الأقمشة غير متوفرة إلا في جدة والرياض وتحتاج إلى طلبية تستغرق بعض الأسابيع لإحضارها للمستهلك العادي، وفوق تلك المدة مبلغ مضاعف يعادل قيمتها الأصلية ثلاث مرات! قابلت عميلاً كبيراً في السن في مدينة جدة يبحث عن نفس الأقمشة التي شددت الرحال لأجلها فقال لي بالفم المليان: يا ولدي حياتنا تمشي بالبركة ورقابة وزارة التجارة ليست على الشكل المأمول، بالأمس أزمة أرز، وقبلها حليب أطفال، وبعدها أسمنت، وبعدها أقمشة سيارات، وصدقني يا ولدي سوف تستمر الحكاية وتطول!