إخواني وأخواتي «مجهولي النسب»: يعلم الله أنني لا أكتب لكم هذه الرسالة للتنظير أو لتمجيد الذات أو لأنني الأنموذج الأمثل فيكم «حاشا لله» إنما أكتبها عن قناعة وعن تجربة خضتها، وخرجت منها منتصراً بفضل من الله، ثم بفضل أنني قررت أن أجلس مع نفسي جلسة مصارحة ومحاسبة للذات «أن أكون أو لا أكون» ووضعت نفسي أمام خيارين لا ثالث لهما: الخيار الأول: أن أظل مستكيناً خانعاً أستجدي العطف والشفقة متكلاً ومتسولاً العون والمساعدة من الآخرين، وأستمر أستجدي وأتسول مشاعر وعواطف المجتمع. الخيار الثاني: أن أثابر وأكافح وأنحت في الصخر بكل الطرق المشروعة في سبيل أن أكون قائداً لذاتي، متسلحاً بالعلم والتفوق والصمود، وأن أقسو على نفسي وألجم رغباتها وأكبح شهواتها، وأتحرر من تسوّل شفقة الآخرين فليس هناك فرق بين من يتسول الناس على الأرصفة وعند أعتاب المساجد، وبين من يستجدي عواطف الناس لتحقيق أحلامه وطموحاته فكلتا الحالتين تمثل وجهين لعملة واحدة هي الاستعطاف والانكسار. منذ تلك اللحظة قررت اختيار الخيار الثاني، المتمثل في الطموح والمثابرة، كان هذا القرار من أهم وأجمل القرارات التي غيرت مجرى حياتي وحولتها رأسا على عقب، فتحولت من «شاب» يائس محبط متشائم مستكين متذبذب التفكير خائف من المستقبل ومن المجتمع إلى «شاب» طموح متفائل مثابر، مفعم بالحيوية والنشاط، أعشق الطموح والتحدي، ولم تقف طموحاتي على التفوق العلمي، بل قررت أن أرسم لنفسي عدة أهداف مشروعة عزمت على تنفيذها وبث روح المنافسة في نفسي والتنافس مع الآخرين، ومجابهة المجتمع والسير موازياً لأبناء الذوات وأبناء القبائل «كتفا بكتف» بل والتفوق عليهم، كان قراراً جريئاً ورائعاً ساهم في اتخاذي حزمة قرارات ساهمت في شق طريقي في الحياة دون أن أستجدي مشاعر وعواطف المجتمع أو أكون نقطة على هامشه. من هذا المنطلق أنصحكم بالتحررمن الإحباطات ومن عبودية الذات وعبودية «الألقاب والأحساب» فعلماء ومخترعو وأباطرة الكون لم يفتخروا بألقابهم وأحسابهم بل افتخروا بمنجزاتهم، واختراعاتهم وأسمائهم المجردة من رجس «الألقاب»، فالألقاب أوسمة الحمقى، أما الناجحون فلا يحتاجون إلا لأسمائهم فقط. فمن أراد منكم أن يمتطي صهوة النجاح عليه أن يقدم مهراً من السهر والتعب والكفاح ويثق بنفسه، ويؤمن بأن خريطة النجاح تتسع للجميع، وأن المجد ليس ورثاً لأحد دون الآخر، لكن لا يمكن أن تنالوا المجد والنجاح دون أن تملكوا سلاحاً سلمياً ومشروعاً تتسلحون به اسمه «الإرادة والطموح والمثابرة»، وعندها ستجدون أنفسكم سطراً مدوياً وسط صفحة المجتمع. ومضة للوطن: علينا أن يكون حبنا لوطننا ورموزه أسمى وأقوى من أن تقتلعه من قلوبنا عواصف موروثات اجتماعية إقصائية أو أبواق مغرضة، فللوطن ورموزه ديْن في أعناقنا فقد حافظ علينا من التشرد والضياع، ويكفينا فخراً أننا نعيش في أمن وسلام واستقرار بينما هناك دول مواطنوها متشردون في بقاع الأرض.