عاش فقيراً، اغتنى في مرحلة من حياته، مات فقيراً، لكنه خلف وراءه نزاعات كثيرة على فتات ماله، عاشت عائلته في فقر فانتقموا منه بتبذير الأموال في لحظة تعويض لحرمان الفقر، ليعودوا إلى فقرهم. البنوك السعودية الأكثر ربحاً في العالم، ومع هذا فهي الأقل عطاءً خدمة للمجتمع، وحتى لو قدمت شيئاً فهو من باب ذر الرماد في العيون. يقولون «في المغرب لا تستغرب» وفي السعودية أيضاً لا تستغرب إذا وجدت خبيراً أجنبياً يتقاضى مئات الألوف من أجل الإشراف على مجموعة من السعوديين، ويستمر في وظيفته لسنوات طويلة، بينما يمكن بنصف راتبه إحلال أحد السعوديين المتدربين عنده، إنها فعلاً السعودة. ابن الذئب ضاع بسبب قصيدة، وأخذ شهرة بسبب سجنه، تذكرت حينها مقطعاً للشاعر فهد عافت «وإن قيل من يتبع الشاعر قل المنغوي». كلهم يتحدث عن زحمة شوارعنا، ولم يتحدثوا عن ضيق الشوارع. عيّنوها في منطقة نائية، معلمة، تقدم العلم لطالبات تلك المناطق، نُقلت إلى منطقة أخرى بعيدة، رمتها حركات النقل في أكثر من طريق، وعند سن التقاعد وجدت نفسها بجوار بيتها. الممرضة من جانبها كانت تعتقد أنها ستكون ملاكاً للرحمة، ولكن تأجيل المواعيد في المستشفيات الحكومية، جعل من دوامها مجرد نزهة تذهب لها يومياً. يقولون أكثر من ثلاثة ملايين سعودي يتلقون إعانة الشؤون الاجتماعية، ومليون موظف حكومي وثلاثة ملايين في القطاع الخاص، وعدد السكان عشرون مليون نسمة، إذاً الباقي 13 مليوناً نصفهم أطفال ونساء، ولا حل ناجعاً حتى ساعة إعداد هذا المقال. أكثر المتفائلين في السعودية ومن يستحقون الدخول لموسوعة جنيس أربعة: عاطلٌ في انتظار وظيفة، والثاني مستدين من البنك ينتظر إسقاط الدولة القروض، والثالث «متعلق» في الأسهم من 2006 وينتظر الفرج، والرابع نصراوي ينتظر بطولة. يمضي لصلاة الجمعة ويسمع الدعاء ضد المخالفين بالدمار، الإمام يدعو: اللهم دمر اليهود ومن والاهم، وصلته رسالة على جواله، قاطع المنتج اليهودي، ذهب إلى المنزل ووضع قنوات الممانعة وسمعها تردد عبارات الشتم والقذف، اكتشف بعد رحيل العمر أن اليهود خدموا أنفسهم، ونحن خدعنا أنفسنا.