أثار قرار مجلس الوزراء القاضي برفع رسوم رخصة العمل للعامل غير المحلي في المنشآت التي تقل فيها نسبة السعودة عن 50% من مائة ريال إلى 2400ريال، والمنوط بوزارة العمل تحصيلها، ردود فعل حادة من قبل شرائح مختلفة من رجال الأعمال وخاصة صغارهم والعاملين في المجالات الخدماتية، وفي قطاعي التشييد والبناء، بلغت حد التجمهر أمام بعض مكاتب وزارة العمل، وفي التوجه نحو مقاضاة وزارة العمل في الجهات القضائية المختصة، مع الاستمرار في ممارسة الضغوط على وزارة العمل من خلال التصريحات التي تحذر من أثر هذه الزيادة على أسعار الخدمات، وتكاليف المعيشة التي ستلحق الضرر بالمجتمع كله. وعلى الرغم من أن الوزارة أعلنت عن تمسكها بتنفيذ هذا القرار وأنه لن يكون هناك إيُّ استثناء، إلا أنه من الصعب تصور أن الأمر سيستمر دون حل وسط يحفظ للجميع ماء الوجه، وفي نهاية الأمر فإن وزارة العمل لن تتخذ من رجال الأعمال خصوما لها، كما أن طبقة رجال الأعمال السعوديين لم يُعرف عنهم أنهم وضعوا أنفسهم في مواجهة مع جهات حكومية، كوزارة العمل التي هم في حاجة لدعمها خاصة إبان الخلافات العمالية التي غالبا ما يكونون أحد أطرافها. إذا نحن أمام مواجهة لن تطول، وحتى لو قبل رجال الأعمال بهذه الزيادة أو تم تخفيضها، فلن يقود ذلك إلى تغيير ملحوظ في نسبة العاطلين عن العمل من السعوديين الذين لولا برنامج حافز لما استطعنا تحديد أعدادهم بهذه الدقة. فهذا الرقم الذي عجزت وزارتا الإحصاء، والشؤون الاجتماعية من قبل عن تحديده، استطاع برنامج حافز أن يحل العقدة، ويجذب كل العاطلين ليسجلوا أنفسهم فيه، وهو ما قلل من حالة الاستياء والامتعاض التي كانت سائدة بين كثير من هؤلاء العاطلين رجالا ونساء. ولكن هل استطاع هذا البرنامج الذي فاق ما صرفه حتى الآن 31 مليار ريال تحقيق أهدافه في تقليص نسبة البطالة، وخاصة بين النساء اللاتي يشكلن النسبة الكبرى في العاطلين السعوديين؟. إن الإخفاق في تحقيق هذا الهدف هو الدافع لصدور هذا القرار، الذي لم يحظ بترحيب شرائح معينة من رجال الأعمال، ولكن هل هذه الزيادة في رسوم رخصة العامل غير المحلي هي ما سيرفع من تكلفته للحد الذي سيجبر أصحاب الأعمال على توطين وظيفته أو منصبه؟ من غير المستبعد، أن يلجأ عدد من رجال الأعمال للتملص من دفع هذه الرسوم عبر تحميلها كاملة أو جزئيا للعمال البسطاء الضعفاء، الذين ليس لهم من بد غير القبول بتحمل هذه الرسوم، خاصة في ظل غياب المنظمات والنقابات العمالية التي بمقدورها مراقبة الواقع ومعرفة كل التفاصيل التي يمكن أن تُستخدم للتحايل على هذا القرار أو أي قرار آخر يتم اتخاذه بمعزل عن أصحاب المصلحة الحقيقية في توطين تلك الوظائف والمهن التي تحفظُ للمواطن كرامته، وتساهمُ في إثراء الوطن بكوادر يُعتمد عليها في تحقيق تنمية شاملة ومستدامة للوطن.