رابطةُ العالم الإسلامي تُرحِّب بقرارات القمّة العربية غير العادية "قمة فلسطين"    الشرقية تحصد خمس جوائز في مسابقة خادم الحرمين لتحفيظ القرآن الكريم في دورتها ال 26    376% نموا بنشاط التخليص الجمركي    نيابة عن ولي العهد.. وزير الخارجية يرأس وفد المملكة في القمة العربية    التعاون يعود بتعادل ثمين أمام تراكتور في ذهاب أبطال آسيا 2    الأهلي يضرب بالثلاثة ويضع قدماً في ربع النهائي    انطلاق موسم القادسية الرمضاني.. وجوائز مالية ضخمة تنتظر الفائزين    ديربي مدريد «ملكي»    الهلال يسقط في آسيا بعد صمود 321 يومًا    محافظ الأحساء يستقبل مدير مرور المنطقة الشرقية    محافظ الخرج يستقبل رئيس جمعية العناية بالمساجد وعمارتها "اهتمام"    مخاوف الحرب التجارية العالمية تهبط بسوق الأسهم    دعم كامل لقرارات «قمة فلسطين» ورفض تهجير الشعب الفلسطيني من أرضه    لجنة وطنية للتمور بمقر غرفة القصيم    دعم عربي للدولة الفلسطينية ورفض التهجير    لجنة الانضباط ترفض احتجاج الوحدة وتغرم مدربه بعد مباراة النصر    التعاون يتعادل والحسم في القصيم    أوكرانيا في مأزق بعد تعليق المساعدات الأمريكية    رئيس غرفة الطائف: فعاليات وبطولات عربية وعالمية ترفع اقتصاد الطائف 400%    «سلمان للإغاثة» يوزع 450 سلة غذائية في عدة مدن بمحافظة جاوة الوسطى في إندونيسيا    ضعف المحافظة بسبب هؤلاء!    طارق طلبة مديراً لمكتب «عكاظ» بالقاهرة    أمير جازان يستقبل منسوبي الأمارة المهنئين بشهر رمضان    الغول والكحول يؤكدان أن الفصحى لا تتطور    الفلسفة في ظل التحولات قصة إعمار وإلهام وطنية    سفرة رمضانية في مناوبة ليلية    العنزي مشرفاً على الاقتصاد الكلي في وزارة المالية    أمير منطقة الرياض يقلّد مساعد مدير مرور المنطقة رتبته الجديدة    أوروبا في مواجهة التحدي الأمني.. هل آن أوان الفطام عن واشنطن؟    اللحظة الوجودية للقضية الفلسطينية    الكهولة وزمن النادبات    أيها الشباب: هرولوا نحو هاوي    الحقيقة !    التسامح.. سمة سعودية !    سفارة المملكة في السويد تقيم حفل إفطار رمضاني    «الشؤون الإسلامية» تقيم مأدبة إفطار للصائمين بالجبل الأسود    سماء العُلا يعود في أبريل    فعاليات ثقافية في جدة التاريخية    القبض على إثيوبي في جازان لترويجه مواد مخدرة    البشوت النسائية تدخل عالم الموضة وتنافس الرجالية    أول لقاء بين السيسي وأحمد الشرع    4 ملايين فحص لنقل الدم بالمناطق    سعود بن نايف يستقبل المهنئين في رمضان.. ويطلع على أعمال "الذوق العام"    أمير الرياض: جائزة الملك سلمان لحفظ القرآن عظيمة في مضمونها ومنهجها وفي عملها    أمير المدينة المنورة: منظومة متكاملة لخدمة المصلين والزوار    سعود بن نهار يشارك قادة ومنسوبي القطاعات الأمنية في الطائف الإفطار الرمضاني    تجمع الرياض يطلق حملة "صم بصحة"    وزير الدفاع يبحث مع نظيره السلوفاكي المستجدات    الإيمان الرحماني مقابل الفقهي    في بيان مشترك..السعودية ولبنان تؤكدان أهمية تعزيز العمل العربي وتنسيق المواقف تجاه القضايا المهمة    أبٌ يتنازل عن قاتل ابنه بعد دفنه    الأمير سعود بن نهار يستقبل المهنئين بشهر رمضان    قطاع ومستشفى تنومة يُنظّم فعالية "اليوم العالمي للزواج الصحي"    والدة الزميل محمد مانع في ذمة الله    تغريم مصنع مستحضرات صيدلانية وإحالته للنيابة    المشي في رمضان حرق للدهون وتصدٍ لأمراض القلب    تأثيرات إيجابية للصيام على الصحة النفسية    قال «معارض سعودي» قال !    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حريق سنتر بوينت: خطابنا الحقوقي متكبر على الفئات الهامشية
نشر في الشرق يوم 24 - 12 - 2011

في صباح يوم الجمعة 9 / 11 /1432، اندلع حريق في أحد مراكز سنتر بوينت التجاري في مدينة الرياض، مخلفاً قتيلاً وتلفيات بقيمة أربعين مليون ريال مع إغلاق للمحل لمدة ثلاثة أشهر، من أجل إعادة ترميمه. وفي تفاصيل الحريق، وفقاً للرئيس التنفيذي لشركة «سنتر بوينت» أحمد العبدالله، أن الذي أشعل الحريق كان عامل نظافة بنغالياً يتبع لشركة متعاقَد معها من قبل محلات سنتر بوينت لأعمال النظافة والتحميل.
العامل الذي يُشك بأنه لم يتسلم راتبه منذ ستة أشهر اختبأ في الفرع بغرض سرقة المال، وحين لم يستطع وأزف الصباح، عمد إلى إشعال حريق على أمل انطلاق صافرات الإنذار، مما يهيئ لفتح الأبواب، ومن ثم تمكنه من الهرب. لكن العامل سيئ الحظ قضى نحبه في الحريق.
القصة المأساوية تصلح معياراً لمعرفة موقف الخطاب الحقوقي المحلي من المظالم التي تحل بأكثر الفئات هامشية في مجتمعنا، فئة العمال الأجانب غير المهرة.
فالقصة كلها مبنية على احتمال ظلم حاق بذاك العامل.
لأكن دقيقا. ما أقصده ب»الخطاب الحقوقي» هو التعليقات التي تصدر عن ذاك الطيف الواسع، الذي يشمل المؤسسات الحقوقية المعنية (مثل جمعية حقوق الإنسان وهيئة حقوق الإنسان)، والناشطين والنشاطات الحقوقيين الذين يعبرون عن آرائهم عبر وسائل الإعلام التقليدية أو عبر شبكات التواصل الاجتماعي. عادة، يصدر عن بعض عناصر ذاك الطيف تعليق على قضية حقوقية تمر بنا، مثل العنف الأسري أو زواج القاصرات مثلاً، ولذلك، فإنه يمكن معرفة مشغوليات «الخطاب الحقوقي» عبر حصر القضايا التي تثير اهتمام المشتغلين بالمطالب الحقوقية.
بعد مرور ثلاثة أسابيع من الحادثة، بحثت في النت عما كُتب عنها. وجدت الكثير من المواد الإخبارية ومداخلات أعضاء المنتديات.
لكني لم أطّلع على تعليق على الحادثة من ممثل لإحدى المؤسستين المعنيتين بحقوق الإنسان. كما أنني لم أقرأ لأحد نشاطي أو ناشطات حقوق الإنسان أو لأحد من كتّابنا مقالاً يتناول القصة بوصفها ملمحاً لمظلمة إنسانية بشعة تطال أشد الفئات هامشية لدينا، فئة عمال النظافة الأجانب ممن يعملون شهوراً وسنوات من دون أن يقبضوا رواتبهم.
يمكن اعتبار القصة أعلاه التعبير الأكثر تراجيدية عن مأساة مسكوت عنها. فمتوسط رواتب هؤلاء العمال هو ثلاثمائة إلى أربعمائة ريال شهرياً. ويقال إن بعض مؤسسات الصيانة والنظافة تتعاقد معهم على أساس أن يعملوا السنة الأولى بلا راتب، فقط مقابل السكن والأكل وفرصة العمل التي حصلوا عليها.
وحين لا تُصرف مستحقات تلك المؤسسات، فإن وسيلتها الفضلى في الضغط على الجهة المشغلة هي حرمان العمال من رواتبهم ليسوء تعاملهم، وربما يضربون عن العمل مما يدفع الجهة المتعاقد معها للإسراع في صرف المستحقات.
ويكفي أن يدخل المرء عبارة «تأخير صرف مستحقات عمال النظافة» في محرك البحث «جوجل» لتخرج له عشرات المواد الإخبارية حول هذا المسلك، وعن انتشاره في واقعنا المحلي.
وجدت في صحفنا الكثير من قصص عدم صرف الرواتب، والتي لا تجد طريقها إلى الصحف إلاّ بعد أن يضرب عمال النظافة فتطفح المخلفات وتبدأ الصحافة تلاحظ المشكلة.
بل إن خطاب التغطية الصحفية، أي اللغة المستخدمة، يركز على الحادثة باعتبارها خبراً عن توقف التنظيف في هذه المنشأة أو تلك أكثر مما هو كشف عن الحقوق المهدرة لهؤلاء المساكين.
وتتسم بعض التعليقات القانونية على هذه المشكلة بالبعد عن الواقعية. ففي إحدى حالات إضراب عمال نظافة عن العمل في إحدى الجهات الحكومية في جدة، صرح مستشار قانوني لصحيفة «الحياة» ب»وجود لجان شكلت في مكتب العمل لحل مثل هذه المشكلات خلال 24 ساعة من حدوثها». بينما نجد أخباراً عدة تتحدث عن شكاوى رفعت بشكل جماعي، ولم تُحل رغم مضي شهور عدة. ويقول أحد التحقيقات الصحفية عن إحدى هذه القضايا ما نصه: «وصلوا (أي عمال النظافة الموقفة رواتبهم) إلى أوضاع مأساوية، وهدد البعض منهم بالقيام بالانتحار للتخلص من حياة البؤس، وأشرف اثنان منهم على الموت لعدم تلقيهم العلاج من أمراض عدة. وتحدث العمال المغلوبون على أمرهم بأنهم سلكوا جميع السبل القانونية، واستنفدوا كل المحاولات المشروعة لكنها باءت بالفشل، وكان آخرها تقديم شكوى من قبل مائتي عامل من نفس الشركة قبل شهر لمكتب العمال بالدمام» (صحيفة «الرياض» – العدد 15326).
لا شك أن وجود مؤسسات وأفراد حقوقيين يعبر عن تطور إيجابي في المجتمع. فالتحديث الذي يجلب المجهولية والاغتراب والفردية والمظالم والغبن يُنتج، أيضاً، فلسفة حقوقية تحافظ على توازن النسق القيمي، وتهيئ له الاستمرار في القيام بوظائفه في المجتمع الذي بات معقداً وكبيراً. لكن ربما لأن خطابنا الحقوقي حديث النشأة، فإنه يمكن ملاحظة أنه لا يزال حبيس المشغوليات الوطنية، أي حالات التعدي على حقوق المواطنين والمواطنات، ولم يتطور بعد لتبني قضايا الإنسان من حيث هو إنسان.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.